هذا ما يحدث لدماغك لو أُصيب رأسك بضربة وأنت تلعب رياضة؟
بقلم سارة هيلويل، زميلة باحثة في كلية العلوم الصحية ومعهد بيرون للعلوم العصبية والمتعدية، جامعة كيرتن، استراليا
27 أبريل 2023
المترجم: عدنان احمد الحاجي
المقالة رقم 124 لسنة 2023
Hit your head while playing sport? Here"s what just happened to your brain
Sarah Hellewell، Research Fellow، Faculty of Health Sciences، Curtin University، and The Perron Institute for Neurological and Translational Science، Curtin University
April 27,2023
كانت ليلة جمعة، فريقك يلعب، والنتائج متقاربة جدًا والوضع متوتر. لاعب يصد الكرة، وفجأة! أمسك أحد اللاعبين بخصمه وأسقطه أرضًا. المدربون والأطباء اجتمعوا على هذا اللاعب الساقط أرضًا متوترين بينما كان المعلقون الرياضيون ينتظرون تأكيد الحالة: هل هي ارتجاج في المخ أم إصابة دماغية رضية خفيفة، أم ضربة رأس، وما إلى ذلك... هناك العديد من المصطلحات المستخدمة لوصف هذا النوع من الأحداث.
كيف تُمنع مثل هذه الإصابات وتُعلاج كان موضوع تحري من مجلس الشيوخ الاسترالي ولا زال [1] .
لكن ما هي بالضبط هذه الإصابة؟ ماذا يحدث في الدماغ؟
ما هو ارتجاج الدماغ «المخ»؟
ارتجاج الدماغ / المخ [2] هو شكل من أشكال إصابات الدماغ الرضية [3] ، عادةً ما يكون الارتجاج في الطرف الأقل شدة من طيف حدة الاصابة، وبالتالي يُسمى غالبًا ب إصابة الدماغ الخفيفة.
تحدث ارتجاجات الدماغ / المخ في أغلب الأحيان عندما يصطدم الرأس بأحد الأشياء مباشرة. ولكن يمكن أن يحدث أيضًا دون اصطدام الرأس بأي شيء، عندما تتسبب ضربة للجسم في تحريك الرأس بسرعة. الدماغ هو عضو هش داخل جمجمة صلبة، يطفو في طبقة رقيقة من السائل الدماغي النخاعي [4] . يمكن أن يتضرر أي مكان في الدماغ بعيدًا عن مركز الصدمة لهذا السبب، حيث قد يحدث هناك ارتداد قوي لهذه الصدمة ضمن الجمجمة.
الارتجاجات الدماغية التي تحدث أثناء ممارسة ألعاب رياضية قد تكون معقدة لأن الدماغ غالبًا ما يدور rotate مع سقوط المصاب على الأرض. يمكن أن يسبب ”تسارع دوران rotational acceleration الدماغ [5] “ مزيدًا من الضرر للدماغ. هذا هو الحال بشكل خاص بالنسبة للخلايا الموجودة في المحاور العصبية الطويلة للمادة البيضاء [6] المسؤولة عن نقل الإشارات في مناطق الدماغ.
بالإضافة إلى إحداث تلف أولي لخلايا الدماغ في وقت الإصابة، الارتجاج الدماغي يطلق سلسلة من التغيرات الكيميائية والبيولوجية [7] . تحدث سلسلة التفاعلات هذه في غضون دقائق وقد تستمر أيامًا أو حتى أسابيع بعد الارتجاج.
تصبح أغشية الخلايا نفَّاذة «أي أكثر تسريبًا»، مما يتسبب في اختلال توازن المواد الكيميائية في الدماغ داخل الخلايا وخارجها. تنتقل الوظائف الخلوية إلى حالة من فرط النشاط في محاولة منها لاستعادة التوازن، باستخدام المزيد من الوقود في شكل جلوكوز. في الوقت نفسه، غالبًا ما ينخفض تدفق الدم إلى الدماغ، مما يؤدي إلى عدم التوازن بين العرض والطلب على الطاقة.
قد تبدأ السقالات الهيكلية للخلايا في المادة البيضاء في الضعف أو الانهيار، مما يمنع أو يحد من قدرة الخلايا على التواصل بينها.
عند استشعار الخطر، تبدأ خلايا من الجهاز المناعي في الانتقال إلى الدماغ في محاولة لكبح هذا الضرر ولإطلاق إشارات كيميائية لحشد الخلايا الالتهابية الأخرى إلى مواقع الإصابة. هذه الاستجابات الأولية للارتجاج الدماغي عادةً ما تُحسم بمرور الوقت، لكن فترة التعافي قد تختلف من شخص إلى آخر، وقد تستمر حتى بعد زوال الأعراض.
ما هي الاعراض؟
أعراض [8] الارتجاج الدماغي قد تختلف حسب الشخص وحالة الإصابة. يعاني بعض المصابين من أعراض ملحوظة بشكل أكثر مثل فقدان الوعي والقيء والتشوش الذهني [9] ؛ قد يعاني البعض الآخر من الصداع أو مشكلات في الرؤية أو التفكير والتركيز. قد يعاني بعض المصابين من عرَض واحد بينما يعاني البعض الآخر من أعراض كثيرة. قد تكون أعراض بعض المصابين شديدة، وقد يعاني البعض الآخر من أعراض خفيفة فحسب.
لذا قد يكون تشخيص الارتجاج الدماغي وإدارته أمرًا صعبًا. حدة أعراض معظم المصابين بارتجاج في المخ ستبدأ بالانخفاض في غضون أيام أو أسابيع. لكن حوالي 20٪ منهم تستمر معهم الأعراض حتى بعد ثلاثة أشهر من الإصابة بالارتجاج الدماغي [10] .
الأعراض المستمرة قد تؤدي إلى صعوبة في الأداء الوظيفي في العمل أو الأداء الدراسي والتواصل الاجتماعي مع الأصدقاء والمحافظة على العلاقات الاجتماعية. لا يعرف الباحثون سببًا لاختلاف حالات التعافي باختلاف المصابين. ليس لدينا طريقة نتمكن بها من التنبؤ بمن سيتعافى من الارتجاج الدماغي ومن لن يتعافى منه.
ماذا عن الضربات المتكررة على الرأس؟
الذين يمارسون الألعاب الرياضية التي تتطلب الاحتكاك البدني هم أكثر عرضة للإصابة بعدة حوادث ارتجاج دماغي خلال مسيرتهم الرياضية. كثرة أعداد حوادث الارتجاج الدماغي تؤدي إلى ظهور أعراض أكثر سوءًا وتعافي أكثر بطأً لحوادث الارتجاج الدماغي اللاحقة [11] . وهذا يوحي بأن الدماغ لا يعتاد على حوادث الارتجاج، ومن المرجح أن يتسبب كل ارتجاج في حدوث ضرر إضافي.
القرائن الجديدة توحي بأن حوادث ارتجاج الدماغ المتكررة قد تؤدي إلى تغيرات مستمرة في بنية خلايا الدماغ ووظيفتها [12] .
قد يستمر الالتهاب [13] داخل وخارج الدماغ. قد يسبب الالتهاب أيضًا أو يساهم في ظهور أعراض لدى أحد المصابين، وتغيرات وظيفية وهيكلية مزمنة في الدماغ [14] .
قد تكون الأعراض المزمنة والتغيرات الدماغية طويلة الأمد أكثر سوءًا على الأمد الطويل بالنسبة للمصابين بارتجاج دماغي في فترة الشباب مقارنة بالمصابين بارتجاج دماغي في فترة الشيخوخة.
بدأ الباحثون أيضًا في ملاحظة اختلافات في الأعراض [15] وتغيرات في هيكلية المادة البيضاء المكروية microstructure في الدماغ لدى الذكور والإناث [16] . قد تكون متعلقة بالفروقات بين الذكور والإناث المكتشفة حديثًا في بروتينات السقالات العصبية [17] في أدمغة الذكور والإناث، مما يجعل أدمغة الإناث أكثر عرضة للإصابة بالارتجاج الدماغي.
لقد علمنا بهذا الأمر منذ فترة طويلة
تغيرات في بنيوية المادة البيضاء المكروية microstructure في الدماغ والسلوكيات الناتجة عن اصابات ارتجاج الدماغ المتكررة أثناء ممارسة الالعاب قد وُثقت منذ عشرينيات القرن الماضي على الأقل [18] . في ذلك الزمن، لوحظ الارتجاج الدماغي في الملاكمين وأطلق عليه مصطلح خرف ارتجاج الدماغ [19] ، أو الاعتلال الدماغي الرضخي المزمن [19,20] «CTE». لا يعاني المصابون بالاعتلال الدماغي الرضخي المزمن دائمًا من أعراض حادة. ولكن، تظهر الأعراض أو تتفاقم في فترة الشيخوخة، حتى بعد عقود من الإصابة أو في نهاية مسيرة اللاعب الرياضية.
يعاني المصابون أيضًا من أعراض متنوعة [22] يصعب قياسها أحيانًا، مثل التشوش الذهني [9] وضعف الحكم [23] والعدوانية [24] . هذا مما يجعل التشخيص صعبًا عندما يكون الناس على قيد الحياة. لا يمكننا تأكيد الإصابة بالاعتلال الدماغي الرضحي المزمن إلا بعد وفاة المصاب، وذلك بالكشف عن بروتينات السقالات المتغيرة في مناطق معينة من الدماغ.
لا يزال هناك الكثير مما ينبغي تعلمه عن الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن، بما في ذلك العمليات المكروية التي وراءه، ولماذا تظهر أعراضه على بعض المصابين ولا تظهر على البعض الأخر.
مقطع فيديو يبين ما يحدث أثناء ارتجاج المخ:
الارتجاج الدماغي شائع بين الناس
ارتجاج الدماغ يعتبر إصابة شائعة يعاني منها ما يقرب من 30٪ من الناس في حياتهم. على الرغم من أنه لا يزال لدينا الكثير مما ينبغي علينا أن نتعلمه عنه، إلَّا أن النصيحة الآن للمصابين بارتجاج دماغي هي أن يراجعوا الطبيب للاستشارة وللمساعدة في الإدارة الأولية للأعراض حتى تكون القرارات بشأن العودة إلى ممارسة الألعاب الرياضية قرارت مستندة إلى قرار طبي.
