صراعنا بين الحب والكراهية
كل واحد منا يعيش صراعاً دائماً بين الحب والكراهية في علاقاته مع جميع من حوله، تجاه الأقارب والأباعد، تجاه الأهل والأصدقاء، تجاه الزملاء والأصحاب، وهو صراع مع النفس، ومنشأه الحقيقي أننا على الدوام نحتك بالآخرين كما يحتك الآخرون بنا. نريد من الآخرين أشياء كما يريد الآخرون منا أشياء. نحن أسباب لحاجات ومطالب الآخرين كما الآخرون أسباب لحاجاتنا ومطالبنا.
وحينما تتنوع الاحتكاكات، وتتعدد المطالب وتزداد الحاجات المتبادلة يقع الجميع في صراع الإرادات وتناقض المطالب واختلاف الحاجات. فلا غرابة من حدوث الحب، نسبياً، عند تطابق المطالب وتقاطع المصالح. ولا غرابة أيضاً من حدوث التكاره، نسبياً، عند تباين الحاجات واختلاف الرغبات. هي صورة فعلية للمفارقة ما بين واقع الحياة واصطدامها مع رغباتنا وإرادتنا. هو صراع يفضي لزيادة منسوب الحب والكراهية بين الناس، بل حتى بين المرء ونفسه.
أو كما قال قديماً الفيلسوف الهندي حضرة عنايت خان الذي يعتبره البعض مؤسس الحركة الصوفية الدولية، قال: الآن يطرح نفسه السؤال الآتي: كيف يمكن للإنسان أن يتحد مع إيقاع الحياة، بكلمة أخرى، مع شروط الحياة. إن شروط الحياة ورغبات الإنسان الخاصة مسألتان متصارعتان مع بعضهما كقاعدة. وفي حال تنازلت الرغبة أمام الظروف، سوف تنتصر الظروف وتهيمن. أما إذا خضعت الظروف، فسوف تنتصر الرغبة عندئذ بكل تأكيد. بيد أن الظروف لا تُهزم دائما من خلال الصراع، وعن طريق الكفاح. بل يجب أن نتخذ جانب الحيطة دوما في صراعنا مع شروط الحياة، ففي حال كان ممكنا تحقيق التناغم بطرق سلمية، من الأفضل تحاشي المواجهة والمجابهة. إذا كان المرء قادرا أن يدخل في تناغم مع شروط الحياة من دون اللجوء إلى العنف والقتال، سيكون هذا أفضل من أن يجري التناغم معها من خلال الصراع.*
المقطع المرفق مفيد مع بعض التحفظ، مترجم، بعنوان «الحب والكراهية وجهان لعملة واحدة» للفيلسوف الهندي أوشو.