خواطر مع أرواح تسمو بعطر الجنان
في يوم الجمعة عندما يذهب الزائر لزيارة قبور الموتى من المؤمنين والمؤمنات يستذكر جلسات أحبته حيث فارقوه بالأجل لكنهم على وصال مع أرواح الأحياء من أهليهم أو مجتمعهم.
يستحضر المرء منا ما وعد الله الموتى من المؤمنين والمؤمنات بجنات عرضها السماوات والأرض.
يتسلى الزائر الذي فقد عزيز عليه بأن بيت وقبر فقيده فيه نعيم كبير لا يوصف، فقوة الإيمان التي يختمها الفقيد الموالي هي نعم السند له في الحياة الكثيرة لا الحياة القليلة التي هي حياة الدنيا.
حياة الآخرة للميت المؤمن حياة كثيرة مملؤة فوران نعيم أهل البرزخ بحياة الصديقين، والشهداء، والصالحين.
﴿وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ «64»﴾ [العنكبوت: آية 64].
حياة الشهداء وجميع الصديقين والصالحين حياة كلها شباب، فالحياة الكريمة ليس مقياسها عدد سنين الحياة التي قضاها في الدنيا، إنما حياة مقياسها مقدار التعلق بقوة الولاية.
فكل من فاز في عمر الدنيا بقوة الولاية كان عمره صغيرا أو عمره كهلا فهو شباب، فأهل الجنة مهما اختلفت أعمارهم في الدنيا فهم شباب في الجنة.
صور الإنسان في الحياة الآخرة ليست الصور الشكلية أو الصور العمرية إنما صورة الحقائق التي يراها الله في قلب كل واحد منا.
فمن كان قلبه تقيا نقيا فهو من أهل الجنة إذ ليس هناك مقاييس في الحياة الآخرة للصور الخلقية أو للأعمار الزمنية في الحياة الدنيا.
ليكن كل واحد منا وهو يتذكر أهل القبور أن يكون هو معهم من سكان الجنة إذ لا هناء في السكنى في الدنيا مهما كان العمر طويلا، فأجمل السكنى في دار النعيم، ودار القرار.
بيوت أهل الجنة سعتها عرض السماوات والأرض، وفي الجنة شجرة طوبى تخرج من بيت سيد الموحدين علي تمتد لجميع بيوت أهل الجنة.
كل من تعلق قلبه بغصن شجرة طوبى؛ شجرة الولاية فإنه نال نعيم دار الكرامة.
خلقنا ونحن عشاق الولاية أجسامنا تدنو إلى عليين وأرواحنا تدنو في المحل الأعلى برفقة الذوات الطاهرة .
هنيئا لمن ختم حياته بالقرب والجوار العظيم في سقف الولاية ليعكس الحياة المنيرة في جنة البرزخ، وجنة الخلود.
لنعطي أنفسنا مهر الجنة بطعام لا جوع فيه، لنعطي أرواحنا ثمن الآخرة بالذهب الخالص حيث إيثار الحياة الآخرة فهذا هو العنوان الكبير لمعنى الكرم الروحي.
رحم الله أرواحا غادرت الدنيا وهي تسعفنا في كل خاطرة أن ندنو من المقربين عند الله تعالى الصفوة الطاهرة .
من سره أن ينظر في الدنيا إلى الجنة وأهلها فليتأسى بكل فضل حازه المعصومين الكرام .
خصنا الله وإياكم بهذا القدر الرفيع حيث مجاورة بيوت الولاية في جنة عرضها السماوات والأرض.