آخر تحديث: 22 / 11 / 2024م - 1:35 ص

الحلقة الثانية من سلسلة حوارات خيالية بين الشاعر علي بن مكي الشيخ ودواوين مجموعة من الشعراء‎‎

ديوان «عاريةٌ إلّا منك».. للشاعرة السعودية حليمة بن درويش - القطيف

علي مكي الشيخ

عاريةٌ إلّا منك
عمل أدبي راقٍ.. يغافل المشاعر لحظة انعتاق الضوء
يحمل الكثير من المعاناة، ويحولها لفاعلٍ جمالي
أعيش معها هذا الحوار محمّلا بالكثير من الوقفات والتأملات في استنطاق عملها الرائع..
حليمة بن درويش..
أديبة سعودية. اختمرت بطين القطيف روحها، وعجنت بجذور النخلة طبيعتها.. وامتزج بالبحر وسيفه ازرقاقُ حرفها المبلل بالحب والجمال.
في مفتتح هذا اللقاء..
وجدتك تحيين القارئ قائلةً..

”إليك أيها القارئ...
اجعل من الكلمات انبعاثا آخر بين يديك..
فبعضُ البوحِ نجاة!! “

السؤال الأول:

من تكون حليمة!
حدثيني عن سر هذا الاسم.. ولحظة ميلادك!؟

حليمة: شكرا لهذا الفضاء الخيالي. وأنت تحاول استشراف الكلمة والوصول لحديقة الحوار.

ميلادي..

”يبدو في الثالث عشر من ربيع الأول ضجيجا لا يهدأ
وكيف لا يكون كذلك، والكون يستعدّ لولادة أكرم الخلق بعد بضعة أيام“

و

”كان اسمي ينتظرني بلا تعب... ينتظرني بحبّ امرأةٍ تذوبُ عشقًا وحنانًا
كنتُ حليمة..! تيمنًا بمن أرضعته حنانها وكانت لليتيمِ وطنًا وأمًّا“

السؤال الثاني:

حبذا لو أعطيتني ملخصا عن تجربتك لعارية إلا منك!؟
وماذا تحملُ في طيّاتها!؟

حليمة:

”العملُ باختصار بوحٌ ذاتي لتفاصيل مبعثرة، في دهاليز اللحظة، وتوقف الزمن، حين يباغتنا في مواقف يختبر فيها قوتنا وصبرنا،
بدءًا من لوعة الفراق وحنين الاشتياق
النصوص تحكي ذاكرة لمواقف متعددة، لشخوص بعينها
قد تكون مقصودة، وقد تكون مجرد ظلال..
عاريةٌ إلا منك.. رغم بساطتها تحمل روحي، وأرواح أخرى
تتجولُ في حروف الوجع والغياب والحضور، وكل التضاد الذي قد يخيفنا ويبهجنا في ذات اللحظة“

السؤال الثالث:

تتكئين في نصوصك على رهافة اللغة والاشتغال على، لغة المجاز الراقية..
وهذا ما أعطى الكتابة سقفا رقيقا..
وماذا بعد في هذه اللغة!؟

حليمة:

”اللغة وعاءٌ من أوعيةِ الدهشة التي نمارسُ بها وفيها أحد الطقوس في تفاصيل حياتنا البوح لمن نحبّّ ببضع كلمات أو حروف.
واللغة امتداد عجيبٌ للعمق الداخلي للخصوصية المفرطة في الكلمات الخاصة.. “

السؤال الرابع:

التقيتِ ذات وجعٍ مع الغريب الذي يسكنك، ودار بينكما حوارٌ مليء بالحوار.. فماذا قال لك عن الغربة يا حليمة..؟!

حليمة:

أخبرني ذات وجع..
- صرت أخافُ من الغربة!
- أنت هاهنا.. أي غربة تلك؟!
يكملُ حديثه وكأنه لم يسمع سؤالي، أستغربُ أحيانا
من قدرته على تناسي كل شيء من حوله.
ثم أردف قائلا: الغربة يا حليمةُ
تسرقنا من أحبابنا، فنخسرُ بعضهم، ويبقى الآخر ينتظر.!
- الغربةُ تمنحنا الألمَ لكنّها تقدمُ لنا الذكرى.
وأخيرا يهمسُ بوجعٍ:
- أتظنين الغربة أفضل حالا من الموت!!

السؤال الخامس:

يقول إيليا أبو ماضي:

قال قومٌ إنّ المحبةَ إثمٌ
ويح هذي القلوب ما أغباها

إنّ نفسا لم يشرقِ الحبُّ فيها
هي نفسٌ لا تدري ما معناها

أنا بالحبِّ قد وصلت إلى نفسي
وبالحبّ قد عرفتُ الله

رغم أن مساحة الألم والحزن تأخذ النصيب الأكبر من عمر التجربة.. إلّا أن للحب مكانة دافئة..

فما هو الحب بمنظورك الخاص؟!

حليمة:

- الحب.. تلك التفاصيل الصغيرة التي تجعلنا لا نشيخ، ولا نهرم.
- الحب.. سؤالك الطفولي هذا!!
- وما هي لوازم الحب!؟

حليمة: لا حاجة لعاشق لا يفقه من طقوس العشق أبسطها!؟

- الحبّ قادرٌ على أن يُعيد تاريخ الميلاد من جديد.

السؤال السادس:

ماذا كتبتِ للغائب الحاضر.. الذي لا يفارقك غيابه..
وما زال يفتحُ فيك أزرار الغيب؟!

حليمة:

أحسنت علي للوقوف عند هذه النافذة التي تطل على غيبي الحاضر.. والذي قلت له:

بك أُطلّ على الكون فأفتحُ أزرار الغياب ذاكرةً ملتهبةً، وعلى عتباتها أنظرُ سفَركَ الطويلَ لحظة العودةِ.
ألوحُ بمنديلك الأزرقِ... كنت قد ربطته ذات زمنٍ على جرح الغياب..
أحاول عبثًا أن أعيد ترتيب أبجديةٍ سبقتني إليها بحلم
كان ذات زمنٍ.. حلمي أنا.

السؤال السابع

من بين محطات الراحلين.. استوقفتني لوحة فقد الأب..
وذكرتني بقول الشاعر جاسم الصحيح:

روحُ الأبوّةِ تحمينا من الكبرِ
ما منْ أبٍ فائضٍ عن حاجة البشرِ

حليمة ماذا يعني لك فقد هذه الروح؟!

حليمة:

أن تفقد أباك يعني أن تشعر أنّ أحدهم انتزعك منْ جذورك بقوةٍ،.. تحاول جاهدا أن تتمسك وتتثبت ولكنك تدرك بعد ذلك أن الرحيل حق، تتلفتُ من حولك، ولا تعود كما كنت أبدًا.

إن أنت لم تكن موجودا..
فما عادت الدنيا بألوانها المدهشة تجذبني،
وما عادت صور الأمكنة والأزمنة تعرفني.
أبتاه يا حاضرا في وجودي.. وفي روحي وفي قلبي
في اسمي الذي أتغنى به كلّما ناداني أحدهم فأجدك قبلي وبعدي.. بل كلّي!!

شكرا يا حليمة لكل هذا البوح الحاني..

وما زال هذا الأب الذي عاش النقاء والصفاء ممزوجا بحب الأرض والإنسان.

كاظم درويش أو كما هو مشهور عثمان درويش.. محبوب الجميع.. وله في القلوب حب باتساع النخل الباسق والأصيل..

السؤال الثامن:

وماذا عن الصمتِ وفلسفته لديك!؟

حليمة:

- الصمت.. هديةٌ أحتفظُ بها حين يخذلني بعضُ بوحي.

- الصمت.. حديقةُ الأمنيات في ضجيجِ الوجع.

السؤال التاسع:

ما تعريفك للحظة الوداع؟!

حليمة:

الوداع، وحده درس الحياة كلّما أعدنا مشاهده، عاد قويًٍا كما كان

السؤال العاشر:

ماذا تتمنين لو التقيتِ بمن يشبهك؟!

حليمة:

”أن يسمعني شعرًا“

وماذا أيضا؟!

حليمة

”يردد ُ بيتًا أعشقه.“

وأخيراً..

حليمة:

”يسمعني ضجيج الكون في صدى الحب“

في الأخير لا يسعني سوى أن أهبك عابق الثناء لهذه النافذة الجميلة.. ولمنجزك الشهي وهو يجيب على كل التساؤلات التي تدهشنا جميعا.

وفي الختام لو طلبت منك في جملة واحدة..

ماذا يعني لك هذا المنجز؟!

حليمة:

”يرمم الضوء في قلبي“