قالت: لماذا لا تنصح الرجل يتقبل عيبوب المرأة؟
أحدى المتابعات استوقفتني وقالت: أنا متابعة لمنشوراتك وقد استفدت منها كثيرا ولكن في موضوع مهم لم تكتب فيه، قلت: وما هو؟ قالت: أن يصبر الزوج على عيوب زوجته ويتعايش معها ويركز على حسناتها لا أن يتركها ويهملها بسبب عيب فيها، قلت لها: صدقت فهذا ليس من الوفاء والإخلاص في العلاقة الزوجية وجلست أفكر في الكتابة فخرجت معي هذه الأفكار.
تذكرت نبي الله زكريا ، كيف صبر على عقم زوجته ومرضها، فلم يتزوج أو يطلق أو يشتكي أو يمن عليها أو يؤذيها بكلامه وتصرفاته، بل ظل صابرا محتسبا الأجر والثواب في الدنيا والآخرة، وقد بلغ من الكبر عتيا وكان محبا وراغبا للولد، ومع ذلك لم يترك زوجته أو يسيء إليها، وبسبب هذا الصبر والرضى وحسن الخلق مع زوجته بشر بمولود على الرغم من كبر سنه وامرأته عاقر، وسمى الطفل «يحي» ولم يكن له سميا، وكان مستغربا من البشارة كما ذكر القرآن «قال رب أني يكون لي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَ?لِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ»، فهذه قصة جميلة تبين أهمية الصبر على عيوب الزوجة وثواب الصابر وتعويض الله له وتحقيق أمنيته.
فلا يوجد إنسان من غير عيوب، ومن يتوقع أن يتزوج شخص مثالي من غير عيوب فهو مخطأ، وقصص القرآن فيها العبرة والعظة، وهي منهج ودستور لنا لكي نتعلم ونقتدي بسير الأنبياء والصالحين، ونعرف كيف تعاملوا مع مشاكلهم في الحياة، سواء كانت هذه المشاكل زوجية أو تربوية أو مجتمعية، فالسعادة أن يصبر الإنسان على عيوب الآخرين ويحاول بذل السبب في تغييرها لو استطاع، ولكن الأصل أن يتكيف ويتعايش مع من لديه عيب، فالكمال لله وحده.
وقصة أخرى في القرآن الكريم تذكرتها فيها صبر الزوج على عيب زوجته من خطأ ارتكبته، وقد ذكر الله هذه القصة في مطلع سورة التحريم في القرآن الكريم، وهي أن رسول الله ﷺ أباح بسر لإحدى زوجاته «هي ام المؤمنين حفصة رضي الله عنها» فقامت بإفشاء سره الي «ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها»، فاخبر الله تعالى نبيه ﷺ عنها انها قامت بإفشاء سره دون ان تترك جزءا منه، لكن رسول الله ﷺ رغم غضبه من فعلها قام بمواجهتها ومكاشفتها بما فعلت، لكن بجزء من السر وليس بالسر كله، وذلك رحمة بها ومراعاة لمشاعرها حتى لا يحرجها أكثر.
فانزل الله تعالى آيات في سورة التحريم يعاتبها ويعاتب السيدة عائشة رضي الله عنهما ويحذرهما من الإتفاق على عدم سماع كلام رسول الله ﷺ، ويخيرهما بين الطلاق أو الالتزام بحفظ اسرار رسول الله ﷺقال تعالى ﴿وإذ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ، إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ﴾ فهذه قصة أخرى حصلت في بيت رسول الله ﷺ فيها صبر الزوج على عيب زوجته، فالصبر على عيوب الآخرين صفة حميدة وخلق راقي?