التوازن.. أو اللعب بالنار
جميعنا لدينا مخاوف وضغوطات مختلفة يمكن أن تتسبب في تفاعلات جسدية غير محببة. بعض هذه الضغوطات مقبولة نسبيا وقد تكون ضرورية لتدفعنا للحركة والعمل، لكن عندما تتعدى هذه النسبة حدودها المعقولة تتحول إلى جحيم لا يطاق. لذلك علينا التعامل معها بحذر وذكاء حتى ننتفع منها ما أمكن ونتجنب آثارها السلبية بقدر المستطاع.
هل أنت من النوع الذي يعيش حياته بلا خوف..؟ هل تتصرف بشكل عفوي وتتخذ قراراتك الشخصية بشجاعة وجرأة..؟ أم أنك تكتفي بمشاهدة الآخرين يطاردون أحلامهم دون أن تحرك ساكنا..!
إذا كنت من النوع الثاني من الناس، فلا تخف أو تجزع، لأن معظمنا هكذا..! نحن نعلم ما نريده من الحياة ومع ذلك نفشل في التصرف وفقًا لرغباتنا. لا تدع عقلك يأخذك في عصف ذهني لتعتقد ولو لوهلة، أن الأشخاص الذين يخاطرون ويتقبلون التحديات، هم في الواقع بشرًا من خلق آخر..! الأمر ليس كذلك على الاطلاق، فهؤلاء الناس هم مخلوقات كغيرهم من البشر من لحم ودم، يمتلكون نفس الأدوات التي أودعها الخالق فيك دون زيادة أو نقصان. ﴿أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ «8» وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ «9» وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ «10»﴾ - البلد
تخيل مدى الهدوء والتركيز في حياتك، لو كان بإمكانك التخلي عن ندم الماضي ومخاوف المستقبل. تخيل مدى الثراء الذي سيطرأ على حياتك لو تفاعلت بنشاط مع حاضرك، بدلاً من تركه يفلت من يديك..! ما تحتاجه بالفعل هو أن تكون يقظًا. وحتى تتمكن من ذلك، عليك أن تتقبل لحظتك الآنية دون اضطراب أو قلق، أو إصدار أحكام مسبقة قد تربك تفكيرك وتمنعك من التقدم قيد أنملة.
إذا كنت لا تمتلك تصورا واضحا لما تعنيه اليقظة، أعرني انتباهك الكامل ولنتعرف سويا على حواسنا التي هي أقرب إلينا من أي شيءٍ آخر في حياتنا. تجاربنا مع حواسنا، تجعلنا نعيش اللحظة باللحظة كما التعامل مع أنفاسنا. ركز على حاسة واحدة، مثل التذوق ولنقم باختبارها في آن واحد، لنعيش لحظات اليقظة الحقيقية ثانية بثانية. في هذه البرهة، فليأخذ كل منا قطعة من الشوكولا وقبل أن يضعها في فمه، يلاحظ رائحتها وملمسها ومظهرها. بعدها، فليضع كل منا القطعة التي اختارها في فمه وليُراقب التغيرات في مذاق وطعم الشوكولاتة التي تناولها. هذه المرة قارن أحاسيسك الآنية بسابقتها، لتتعرف أكثر على اليقظة بالمعنى الحقيقي للكلمة..!
إذا كنت لا تهتم بجسمك في المقام الأول، فلا حاجة لنا في التعمق أكثر وشحذ الوضوح في ما تعنيه اليقظة بالفعل..! في مفهومي المتواضع، أنت لست بحاجة لأحد أن يُفهمك مبدأ أن الجسم السليم هو الطريق إلى عقل هادئ ومنظم. كونك تشعر بالتشتت الذهني وعدم التركيز، فلربما لأنك مرهق جسديًا وتحتاج لبعض الراحة. الأكل الصحي والهدوء والسكينة والنوم الجيد ليسوا ترفًا حياتيًا كما يعتقد البعض، بقدر ماهي مكون أساسي للتوازن الصحي الصحيح..! ألا يدفعك هذا إلى التوازن، أو أنك تصر على اللعب بالنار..؟