كيف نستغل مرافق المنزل تربويا؟
أيهما أفضل في التربية أن يكون لكل طفل غرفته وحمامه الخاص أم يشترك أكثر من طفل بالغرفة والحمام؟ سؤال طرحه علي مهندس للتصميم الداخلي للبيوت، فقلت له تربويا الأفضل أن يشترك أكثر من طفل في غرفة نوم واحدة وحمام واحد مع أخوانه، قال: ولكن لو كل واحد منهم تم تخصيص له حمام وغرفة مستقلة يكون أكثر راحة له، قلت له: كلامك صحيح ولكننا في التربية لا نبحث عن الراحة وإنما نبحث عن التربية وتطوير النفس وإن كان فيه إزعاج للطفل.
قال: وضح لي أكثر، قلت: عندما يكون أكثر من أخ لهم نفس الحمام فإنهم سيتعلمون قيم كثيرة مثل: تنظيم أوقات الأخوة لاستخدام الحمام، وتتظيف كل واحد منهم للمرافق التي يستخدمها لأنه يعلم بأن غيره سيستخدم نفس المرافق، حرص الطفل على نظافة الحمام أكثر لأنه حمام مشترك، وكل طفل يتحمل مسؤولية نفسه وإدارة نظافته بالتنسيق مع اخوانه عند استخدام الحمام فيتعلم الإستئذان والتنسيق والتفاهم، كل هذه القيم يفتقدها الطفل عندما يستخدم حمامه لوحده، أما لو كان أكثر من طفل في غرفة واحدة فهناك عدة قيم يتعلمها الطفل من خلال العيش الجماعي وليس الفردي.
قال: أنا مصمم ديكور داخلي ولم أفكر بهذه الطريقة، قلت له: حتى لو كانت العائلة غنية وبيتهم كبير فأنا أفضل أن يشترك الاخوان في غرفة واحدة إلى سن التمييز، ثم يتم الفصل بين الأخوة طالما عندهم سعة في المكان، ولكن ليستفيدوا تربويا من نفس الغرفة والحمام وخاصة في أول سبع سنوات من عمر الطفل، فتوظيف المرافق المنزلية في التربية مهم جدا لاستثمارها تربويا، وفي السابق كان تصميم البيت العربي يجمع كل أفراد العائلة في الساحة التي تطل عليها جميع الغرف، أما اليوم فصرنا نعيش في صناديق مغلقة وصاروا أبنائنا يغلقون عليهم غرفهم وحماماتهم فلا نعرف عنهم شيئا.
فاستغلال الصالة في الجلوس والحديث، واستغلال طاولة الطعام في التعاون لإحضار الطعام وترتيبه وحمل الصحون وغسلها وتوزيع الطعام الزائد للمحتاج، حتى يتعلم الأطفال حفظ النعمة وإدارتها، فكل هذه المهارات يتعلمها الأطفال من مرافق المنزل، فالمربي المتميز هو الذي يستغل مرافق البيت في التربية وغرس القيم.
قال: كلامك دقيق ومفيد، قلت: أقول لك قصة حصلت معي ولعلك لا تصدقها أو تعتبرها طرفة ولكنها حقيقة، قال: ما هي؟ قلت: عندي مشكلة بين زوجين حصلت في بداية زواجهما في السكن، لأن الزوج كان من شروطه أن يكون له حمام خاص غير حمام زوجته، وهي استغربت من هذا الشرط وكانت في البداية تشك فيه وصار الخلاف بينهما شديدا وكادت العلاقة تصل للطلاق، فلما تدخلت بينهما أكتشفت أنه تربى من صغره على أن يكون له مرافقه الخاصة، وأنه لا يحسن التعامل مع شخص يشترك معه في استخدام مرافقه الخاصة، فشرحت للزوجة أن هذه من مساوئ تربية الوالدين وعدم ادراكهم لمستقبل قراراتهم التربوية وتم حل المشكلة.
قال باستغراب: معقولة لهذه الدرجة! قلت: نعم وعندي قصص كثيرة في تربية الطفل على الوحدة والخصوصية لدرجة أنه لا يحسن التعايش مع الآخرين حتى ولو كانت زوجته أو أولاده أو حتى أصدقائه، فالتربية الاجتماعية مهارة وفن نعلمها الطفل من صغره ونبدأ باستغلال مرافق المنزل وبعدها الأنشطة والبرامج الجماعية ثم تنمية العلاقة والصداقات الاجتماعية.