آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 8:37 م

هل حاولت أن تتفهم الآخر؟

علي العبد العال *

لا شك بأن الإنسان، أي إنسان ينشأ في بيئة معينة ويحتك بالمجتمع الذي يعيش ويتعايش معه، ويكتسب الثقافة والسلوكيات المحيطة بالمجتمع، لديه رؤية وفهم وطرق مختلفة في اكتساب المفاهيم عن الآخرين. وهذه هي الطبيعة الإنسانية، أي كل إنسان له قابلية مختلفة عن الآخر في إدراك المفاهيم وتواصله مع الآخرين. من خلال هذا الاختلاف الطبيعي الذي يمتلكه الإنسان، ندرك بأن الاختلاف أمر وارد بين البشر، بل هو الشكل الطبيعي الذي قد يألفه الإنسان. من خلال هذا المدخل الذي أردت توضيحه، يكمن سؤال لعل الأغلبية تتساءل به وهو، هل من الممكن أن تكون أفكار الآخر على حق وأفكاري خلاف ذلك؟

قد يكون هذا التساؤل عند البعض اعتيادي، لكن ربما عند الآخرين ليس كذلك، لأنهم بعيدون عن هذا التساؤل، أو لم يتساءلوا به أبدًا. الفكرة الأساسية من هذا التساؤل ألا وهو، هل نستطيع فهم الآخر المختلف أو نحاول أن نتفهم موقفه ورأيه المختلف عنا؟

أرى بأن هذا السؤال قد يُتيح لنا إعطاء الآخر الحق في الاختلاف، أقصد بالآخر أي إنسان، ليس الإنسان الذي يعيش معنا في نفس البيئة أو الذي لدينا معاه علاقة معينة فقط، بل جميع البشرية. أتصور نحن بحاجة أن نتخفف من العبء الذي يجعلنا نأخذ الأفكار والتعاملات مع الآخر بصورة أُحادية، الآخر المختلف بفكره وأسلوبه وأخلاقياته هو إنسان يعيش معنا في هذا الكون الواسع، الذي يسعنا جميعنا، وهو حقه البسيط كما حقنا كذلك، أن نختلف يعني أن نتشارك، أن نتفهم، أن نتقبل بأن الحياة أوسع من الإطار الذي اعتدناه ونشأنا فيه.

نجد أنفسنا في كثير من الأحيان في نزاعات وجدالات كثيرة، قد تكون محقة في ظروف معينة، لكن لو تأملنا الأمر بشكل أوسع، لرأينا بأننا قد نُضيع الكثير من وقتنا، بل ربما تُستنفذ طاقتنا وصحتنا، التخفف من هذا العبء يُساعدنا بأن نُعطي الآخر حريته في ممارسة حقه الطبيعي. الخروج من القوقعة الذي في بعض الأحيان يضع الإنسان نفسه فيها أمرٌ ضروري، التعايش بين البشر وتفهمهم يُساعدنا أن نوسع دائرة المشتركات بيننا. أرجو بأن تكون رسالتنا هي رسالة الفهم والتفهم، أن نرفض وننبذ خطاب الكراهية، ونكرس خطاب الاعتدال، لأننا بشر، بشر لانخلوا من النقص والعيوب.

أعتقد بأن النزاعات والجدالات الذي تحدث فيما بيننا سببها هو أننا ندخل النقاش بدون تفهم الآخر، وأننا نعتقد الحقيقة المطلقة لجانبنا، لذلك علينا أن نتفهم ونتقبل بأن لكل منا له طريقته وفهمه المختلف، وأن ما نفهمه ونُدركه من الحقيقة ليس بالضرورة كُل الحقيقة، قد يكون جزء من الحقيقة، والجزء الآخر يُكمله الآخر المختلف.