كم يومًا قبل أن نعود لما كنّا من قبل!
قضينا شهر رمضان كاملًا، غيّرنا فيه جميع نظام حياتنا الروحي والجسدي؛ الأكل والشراب والنوم والصلاة والدعاء والتواصل ثمّ كان ختامه إجازة واستراحة في أيام، فيا ترى كم يدوم تأثير الشهر قبل أن نعود إلى ما كنّا عليه؟
يعرف الفيزيائيون مصطلح المرونة أو Elasticity كالتالي: ”المرونة هي قدرة الجسم على مقاومة تأثير مشوه والعودة إلى حجمه وشكله الأصليين عند إزالة هذا التأثير أو القوة“. تتشوه الأجسام عندما يتم تطبيق الأحمال الكافية عليها؛ فإذا كانت المادة أو الجسم مرنًا، فسيعود إلى شكله وحجمه الأول بعد الإزالة. هذا على عكس اللدونة plasticity, حيث يفشل الجسم غير المرن في العودة إلى حجمه وشكله الأصليين ويبقى بدلاً من ذلك في حالته المشوهة.
هل يمكننا اليوم أن نضع تعريفًا - أنا وأنتم - موازيًا لمرونة الأجسام، إنما عن مرونة الطباع والأفعال في البشر من الآيات التالية؟ ونستكشف أن في بعض أنماط المرونة ما هو رديء!
- ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى? أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى? آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ﴾ ، لا تحاول أن تغيرنا فنحن متشبثون بتقليد آبائنا فحسب!
- ﴿وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ﴾ ، لو ردوا لعادوا إلى سابق كفرهم وعنادهم!
- ﴿لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ ، لا فائدة من الإعتذار فأنتم بعد الإيمان عدتم كافرين!
خلاصة الفكرة: المرونة في الإنسان وقبول الأحوال المستجدة والتكيف مع مختلف الظروف من الصفات الجميلة؛ لا تخف من هذا النوع من المرونة في الحياة - قبول التغيير - فإنه يفتح لك أبوابًا من المعارف والقدرات والفرص الجيدة لم تكن تعرفها من قبل. من يعرف شبابنا فإنهم مثال جيد للمرونة؛ لا يرفضون أي فرصة يحصلون عليها أو أي نوع من التحدّي الإيجابي. فيهم كمّ كبير من المرونة والإبداع! وفي خلال فترة عملي، سمعتُ الكثير من كثير ممن عمل مع شبابنا أنهم من الصنف الجيّد والمثابر على العمل وممتَلئون بالطاقة الإيجابيّة.
إنما المرونة في العودة إلى الأفعال العاطلة التي امتنعنا وتبنا عنها شهرًا كاملا فعليك أن تخشاها؛ فالعودَة إليها من المرونة المذمومة فيجب أن يكون فيها القطيعة مع الماضي ﴿وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا﴾ ! وإلا ما نفع شهر كامل من التدريب مع من يعود في يومٍ واحد!