فرحة العيد ما قتلت أحدًا!
بين ليلةٍ وضحاها كما بدأ الشهر انتهى فنحن جميعًا ممتنون لله أن أكملنا صيام الشهر الكريم في يسر واستحققنا أن نحصلَ على يوم عيد إجازة، إجازة من كلّ شيء إلا من البهجة والفرحة بقدوم العيد!
ما ماتَ أحدٌ من الفرح ومات كثيرون من الحزن، فقد قصّ الله سبحانه وتعالى من خبر يعقوب كيف كاد الحزن أن يُودي به إلى الهلكة، ثم بعد ذلك حين وجد ريح يوسف عادت له الحالة الإيجابية والصحية معا. أما الدراسات الحديثة فتذكر بوضوح أن المتفائلين أطول أعمارًا وأفضل صحة من غيرهم.
أنا من عندي لكم أجمل الدعوات والامنيات أن تكون أوقاتكم وأيامكم ولياليكم كلها أشهى وأطيب من حلوى العيد وأبيض من اللبن. وإذا استطعتم أن تُرخوا أحزمةَ البطون قليلًا - لا ضرر ولا ضرار - فلا بأس، وفي بعض الأحاديث يذكر استحباب الإفطار على الحلوى وأنّ رسول الله ﷺ أول ما يفطر عليه في زمن الرطب الرطب وفي زمن التمر التمر.
غاية المرام هي أن هذه هي الحياة! فيها أيام، قال الله سبحانه وتعالى افرحوا فيها بإتمام أعمالكم ونجاح استثماركم؛ أتمَمتم الصيام، لكم يوم عيد، وحين تتمونَ الحجّ لكم يوم عيد! وفي كل جمعة لكم عيد يجمعكم.
ولمن لا يعلم، فالدين الإسلامي ليس دينًا ظلاميًّا بكائيًّا، ليس فيه فرح وبهجة، إنما هو دين بكاء وحزن وترقب الموت! كيف وهو - الإسلام - جعل لأتباعه عيدًا كل أسبوع وأعيادًا غير ذلك في السنة وطالب أرباب الأسر بالتوسعة على عيالهم وذويهم وإدخال السرور على الغير؟ إنما هو وضع البهجة والفرحة في إطارٍ جميل ومشروع، لا غير. وأن هذه الأعياد عامة يفرح فيها كل مسلم في الشرق أم في الغرب، في الشمال أم في الجنوب، فهي من أيام الله الجميلة ذات المعاني السامية ومن أيام النّاس أيضًا، ينالون فيها جوائزهم ويروحونَ عن أنفسهم ويستعدون لدورة عمل وانطلاقة في الحياة من جديد.
وأذكر أنني أثناء تواجدي في الولايات المتحدة الأمريكية رأيت من ”الأعياد“ ما أعتذر للقراء الكرام أشدّ اعتذار عن وصف ما يجري فيها من مشاهد مزعجة جدًّا وخادشة للحياء الإنساني، فضلًا عن الديني!
كل ماكينة في الحياة تحتاج ساعات قليلة من التوقف والراحة وإلا يصيبها العطل! وما الإنسان إلا أعظم وأعقد آلة ولذلك ورد عن رسول الله ﷺ: ”في صحف إبراهيم“ على العاقل ما لم يكن مغلوبًا على عقله أن يكون له ”أربع“ ساعات: ساعة يناجي فيها ربه عزّ وجلّ، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يتفكر فيما صنع الله عز وجل إليه، وساعة يخلو فيها بحظ نفسه من الحلال فإنّ هذه الساعة عون لتلك الساعات واستجمام للقلوب وتوزيع لها".