الحياة.. كيف تحتضنها وتعيشها
ارجع بالزمن إلى الوراء وفكر في القرارات التي اتخذتها والمسارات التي اخترتها والأشخاص الذين بذلت مهجتك لإسعادهم. هل يمكنك القول بصدق أنك عشت حياتك كما ينبغي وأنك أحدثت فرقًا إيجابيًا بعد هذا العمر المديد..! أو أنك تشعر بالندم، كونك لم تتمكن من أن تصبح الشخص الذي طالما رغبت أن تكون، أو أنك لم تعش حياة طالما حلمت أن تعيش..! ربما كل هذا وغيره حصل لك، لأنه لم تكن لديك رؤية واضحة، لا لشكل المستقبل ولا لتلك الشخصية المستقبلية التي كنت تتطلع أن تراها..!
لكي تعيش الحياة التي تريدها عليك ان تكون شفافًا واضحا مع نفسك، وأن تتمكن من أن تخلق حياة استباقية من خلال رؤية تفصيلية تتطرق فيها إلى أهم التحديات التي ستواجهك وتنوي بالفعل إنجازها أو تطبيقها على أرض الواقع، تماما كما تخطط لكيفية الشكل الذي سيبدو عليه يومك المثالي.
هناك أمور كثيرة مهمة في حياتنا كالصحة والأسرة والأصدقاء والوظيفة والحرية المالية والروحانية،
جميعها مجتمعة مسؤولة عن سعادتنا على المدى الطويل. نمط الحياة الذي نعيشه يوميًا يحمل كامل المسؤولية عن مستقبل تلك الحياة التي نتطلع إليها في قادم أيامنا. الأولوية رقم واحد يجب أن تكون للصحة، لأن الصحة هي التي ترسم تحركاتنا وأنشطتنا التي نسعد أن نشارك فيها الآخرين.
من الأشياء المهمة التي من خلالها نحافظ على صحتنا هي التغذية. إذا كان الكثير منا يعرف كيف يأكل بشكل صحي، فلماذا تتزايد السمنة والأمراض المرتبطة بالنظام الغذائي في مجتمعاتنا..! قد يعزو البعض هذه المعضلة إلى قلة المعرفة، لكن هل هذا بالفعل هو السبب..؟ لو أمعنت النظر لوجدت الكثير من حملة الشهادات العليا مصابين بالسمنة والأمراض المتعلقة بسوء التغذية، فهل يمكننا ترجمة هذه الصورة السلبية من الواقع على أن المعنيين هؤلاء تنقصهم المعرفة..! هناك فرقٌ بين العلم بالشيء، مقابل معرفته وتطبيقه على مسرح الواقع..!!
من قال أن معظم القرارات التي نتخذها عقلانية بحتة، وبعيدة عن العاطفة. يا سيدي، نحن «عندما نقرر مع أو ضد شيء ما، فإننا إما أن نخوض تجربة المتعة، أو أننا نسعى للهروب من الألم». الدافعية أمر بالغ الأهمية، لتعيش حياة أحلامك - لكن فهم دوافعك ليس كافيًا البتة. يجب أن تظهر دوافعك في العمل والإنجاز، وهذا ما يتضح ويتجلى أثره وانعكاساته للعيان مع مرور الزمن.
كوننا نحمل نوايا حسنة لا يعني بالضرورة تحقيقنا لنتائج إيجابية. هناك الكثير من الناس ممن ينتهي بهم الأمر أكثر سوءًا، عندما تكون سياساتهم الحياتية مدفوعة بالعواطف وليس المنطق. وهناك العديد ممن يتشبثون بمعتقدات خاطئة، لينتهي بهم المطاف يضرون بأنفسهم والآخرين أكثر مما ينفعون.
قد يبدو الأمر سخيفًا إلى حد ما، وأبعد من أن تدركه العقول الفهيمة. لكن صدّق أو لا تصدق، أن «الطريقة التي نفكر بها في أي حدث أو موقف ما تؤثر على النتيجة» وهذا مثبت علميًا. لا تسألني كيف، لأن الأمر يتعلق بالتجربة أكثر منه أحجية أو اطروحة مجتمعية بسيطة يمكن للفرد أن يبدي فيها رأيه، دونما خلفية علمية متخصصة.
نحن كائنات اجتماعية، وكوننا نتفاعل مع الآخرين ونعيش معهم وفق توقعاتهم، فهذه قيمة أساسية نتشاركها جميعًا. ضع في اعتبارك دائمًا أن الحياة الناجحة ليس لها تعريف واحد. في النهاية، جميعنا نتحكم في حياتنا الخاصة من خلال تغيير عاداتنا والسيطرة على عواطفنا. من بوابة الإيمان بتلك الأشياء التي نريد تصديقها والعمل بجوهر مكنونها، يمكننا أن نجعل من حياتنا المثالية حقيقة ملموسة نسعد بها في حاضرنا، ونعززها في قادم أيامنا.