بين منطق الكفار الطفولي ومنطق المؤمنين العقلاني.. هل له نظير اليوم؟!
عادة ما نقرأ القرآن في شهر رمضان وتستوقفنَا بعض المشاهد العجيبة في القرآن الكريم وكل القرآن الكريم عجيب. من هذه المواقف الكثيرة منطق الكافر حينما يعجز عن تحرير جواب معقول يؤيد رفضه للإيمان ويبرر به عدم تصديقه لنبيّ زمانه.
ترى الكفار أو الكافر يرد بمنطق طفولي ليس فيه من العقلانية شيء، وللقارئ الكريم أن يتتبع محاورات الأنبياء مع الأقوام الكافرين؛ لن نؤمن، أنت ساحر، أئتنَا بآية، أنت مجنون، أنت كذاب، سوف نطردكَ من قريتنا، سوف نقتلك، أنت مخرب، أنت إنسان عادي، لماذا أنت وليس غيرك يكون رسولًا؟ لأقطعنّ أيديكم وأرجلكم! أنتَ نبي، كيف تأكل الطعامَ وتمشي في الأسواق؟ لماذا لم ينزل معك مَلك؟ لماذا لا ترقى إلى السماء؟ الذين آمنوا بك هم فقراء وأراذل القوم! أمطر علينا حجارة، ائتنا بعذابٍ أليم…!
قائمة طويلة من كلمات الرفض الفارغة إلا من التهديد والوعيد والسخرية والتكذيب. بينما ردّ المؤمن، سواء كان النبيّ أو الذين آمنوا معه، فهو رد ناضج وعقلاني وواثق من عدالة قضيته؛ فاقضِ ما أنت قاض، إني رسول من ربّ العالمين، أبلغتكم رسالة ربي ونصحتُ لكم، العاقبة للمتقين، أخاف عليكم، سبحان ربي هل كنت إلا بشرًا رسولًا؟ نصبر، إذا أردتم معجزة فلا مشكلة، تريدون برهانًا لا مشكلة!
كلمات كلها هادئة ورزينة تخاطب العقلَ والوجدان، في معظمها مسالمة إلا حين يتأزم الموقف ويحتاج إلى عقاب رادع وتدخل جراحي لاستئصال الكفر المستفحل تكون حازمة وصارمة!
السؤال هو: هل في هذا اليوم - الذي نعيشه - صنفان من الناس، منطق الصنف الأول هو منطق الكفار ومنطق الصنف الثاني يمثل منطق المؤمن إذا عرف الحق، قال: صدقتُ وآمنت؟ الآخر ربما ليس فيه كفر جاهليّ وإنما فيما دون ذلك من الجدال وعسر المنطق! يجادل دون علم أو معرفة! ولعل القارئ الكريم يستنتج أن البشر هم البشر، تتغير وتتبدل الأزمنة وتتقدم العلوم والعقول المتحجرة لا تتغير ولا تتبدل!
الكلمات القديمة تبدلت فصار في قاموس العصر: من قال هذا من الدين؟ من قالَ هذا واجب؟ من قال هذا حرام؟ هذا كان قديمًا! أنا لا أصدق ولا أهتمّ! هذا ليس شغلك! قائمة طويلة من الكلمات ليس فيها إلا الإرث القديم من طفوليّة وجهالة المنطق والعقل! ألا يوجد هذان الصنفان اليوم؟!