منتظرينك يا عيد!
يا سادة يا كرام صرنا نودع شهرَ رمضان، وعلى أقلّ من أصابع يدٍ واحدة نعد الأيام. منتظرينك يا عيد، منتظرينك تجيء مع شهادة ناجح بدرجة تفوق. ”إنما هذا عيد من غفر له“، العيد ليس بالثوب الجديد فحسب وإنما بقلبٍ جديد أيضا! أما الكلام عن العيد فهو يشبه حديث عاشقٍ ومعشوق؛ حلو وجميل ومتنوع. في هذه السطور القليلة أقتَصر الكلام على أوَّلًا: لمن العيد وثانيًا: الطلب من الله أن نعود من جديد في السنة القادمة.
من أخطر الأفكار أن يكون شهر رمضان صومًا عن الأكل والشراب! لا، ليس كذلك، هو دورة متكاملة من التدريب المكثف وأيسر امتحانها نجاحًا الجوع والعطش! كيف يكون العيد فقط لأننا امتنعنا عن الأكل والشرب ساعات قليلة ثم عوضنا عن ذلك في ساعات الليل اضعافًا مضاعفة؟! الشركات الرابحة تعطي لموظفيها دورة تدريبية - أو أكثر - كلّ سنة على أن ينعكس ذلك على أدائهم بقية الأيام والشهور، ينعكس إيجابا وتطورًا وتقدمًا! بعض من يحضر الدورات يجتازها بامتياز، والبعض يحصل على شهادة - مجاملة - وإن لم يفهم الدرس ولم يستفد منه، فما نفع ذلك؟!
مرّ الإمام الحسن - في يوم فطر بقومٍ يلعبون ويضحكون، فوقف على رؤوسهم فقال: إن الله جعل شهر رمضان مضمارًا لخلقه فيستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته، فسبق قومٌ ففازوا، وقصر آخرون فخابوا، فالعجب كل العجب من ضاحكٍ لاعب في اليوم الذي يثاب فيه المحسنون، ويخسر فيه المبطلون، وأيم الله لو كشف الغطاء لعلموا أن المحسن مشغول بإحسانه والمسيء مشغول بإساءته، ثم مضى.
الأمر الثاني: أن نتعاهد على أن نبقى أصحاء منتظرين شهر رمضان من جديد. بالتأكيد لا نعلم الغيب ولا ننجم وإنما من باب الدعاء والرجاء والثقة بالله ومن بوابة التفكير الإيجابي، فإذا تنفس العام 1445 هجرية عن شهر رمضان كنا في انتظاره. القول أن التفكير الإيجابي له منافع على الصحة قول لا يحتاج إلى برهان ولا دليل!
خلاصة ما أريد قوله هي: يا رب نكون صلينا ودعينا ثم سامحتنا وغفرتَ لنا ونفرح في يوم العيد، وإذا كان غير ذلك فما ينفعنا اللباس الجديد في شيء! يا رب أعطنا فرصًا أخرى لكي ننجح إن كنا فشلنا هذه السنة وفرصًا لكي تكبر الجائزة وتنمو إن كنا نجحنا.
أعنتنا يا رب وجهزنا ثوب العيد؛ أصلحنا الخارج وبقي عليك يا رب أن تعيننا على إصلاحِ السرائر والدواخل وغير ذلك ما ينفعنا لبس الجديد في شيء ”وأسألُكَ اللَّهُمَّ حَاجَتي التي إِن أعْطَيتَنِيهَا لَم يَضرُّني مَا مَنَعتَني، وَإِن مَنَعتَنِيهَا لَم يَنفَعني مَا أعْطَيْتَني، أسألُكَ فَكَاكَ رَقَبَتي مِن النَّار، لا إِلَه إلا أنتَ وَحدَكَ لا شَريكَ لَكَ، لَكَ المُلكُ وَلَكَ الحَمدُ، وَأنتَ عَلى كُلِّ شيءٍ قَدير، يَا رَبِّ يَا رَبِّ“.