تقييم الناس وقلق الفرد!
أصبحنا عرضة في الغالب تحت أمزجة الناس وآرائهم حولنا، إذ لا يرضيهم أن يكون لنا طابع خاص يُمثلنا، بل لا بد أن نكون في الإطار المناسب لهم. لعل الكثير يعيش هذا الهاجس، ألا وهو أن لا تكون نظرة الناس له توحي شيئًا من الريبة وعدم القبول. حتى أصبح سلوكنا ومظهرنا الخارجي ما هو إلا كسب رضا ومقبولية الناس، فضلًا عن الجانب الفكري الذي يحكمه العقل الجمعي بشكل كبير. أرى وكأننا أصبحنا بعيدين عن قبول مظهرنا واهتماماتنا، وكأن من الصعب أن يكون شخصًا ما راضٍ عن ملبسه وتعاطيه مع اهتماماته.
لو عددنا الأمثلة التي تُحيط في واقعنا الاجتماعي من هذه الحالة، ربما لا نتوقف من كثر الأمثلة. أصبح الركض خلف لفت انتباه الناس أشبه بالقلق، كأنما الإنسان فقد قرارة نفسه. لا أنتظر من أي إنسان أن يكون مثاليًا ويرفض المشاعر التي تُحيط به، إذ كلنا يغمرنا الفرح حينما ينهل علينا المديح، لكن لا يعني أن نصبح أسرى تقييمات الناس ونفقد قيمتنا بأنفسنا. غرقنا في هذا الواقع، لأجل أن نكون بمظهر وفكر يرضى به الناس، وفقدنا تقديرنا لذواتنا. حتى تجاربنا واختياراتنا أصبحت قيمتها تحت أقلام الناس، هم يكتبون المناسب وما هو خلاف ذلك.
اختزال الفرد ووضعه في قالب من تصورات المجتمع هو إغفال لقيمته كإنسان، على أي إنسان أن يكون الصورة والشكل الذي يمثله ويتعاطى من خلاله مع الحياة، وأن لا يظهر بصورة مزيفة لغرض إرضاء أمزجة الناس. كل إنسان، أي إنسان، له رؤية مختلفة عن الآخر في نظرته للحياة، وله منظومته الفكرية التي من خلالها يتعامل مع الأفكار، الاختلاف هو الذي يساعد الفرد بأن يقبل بأن كل إنسان له تصور معين للحياة، وأن الحياة أوسع من الإطار الذي ينظر به للعالم. بالأصل لسنا مسؤولين عن توجهات الناس ونمط حياتهم الذي يختارونه، وليسو ملزمين بأن يتبعونا في خياراتنا والأفكار التي نؤمن بها.