عمّن غابوا عن العيد!
ليس من باب تجديد الأحزان ولكن تذكر من كانوا معنا في هذه المحطة فيما مضى من الأعياد وارتحلوا؛ وكل يوم نرى رحّلًا عن هذه الدنيا! أظن أن أول عيد يمر على الفاقدين فيه مرارة؛ لأول مرة عزيز اختفى، غاب وطوته الأيام ولن يعود. يجلس الأحباب يوم العيد ويقولون: هل تذكرون فلانًا؟ مكانه فارغ! أين فلانة التي كانت تحب كذا في يوم العيد؟ لا نراها!
وأنا أكتب هذه الخاطرة لا أنسى رجلًا عظيمًا رحل عن أسرته في مثل هذه الأيام، العشر الأواخر من شهر رمضان، ذلك الرجل هو الإمام علي ، رحل على ما ينقل التاريخ في الحادي والعشرين من شهر رمضان، سنة 40 هجرية، وسبب الشهادة لم تغفله كتب السير والتاريخ. كان طودَا عظيمًا عندما خسِره أهله والعالم على حين غرة، ليالٍ قليلة قبل عيدهم.
ليس المعزِّي مثل المثكول ولا السليم مثل المصاب والمجروح، إنما العيد فيه وبه تُداوى بعض الجراحات وترحّل بعض الأحزان! حقيقة ليست بحاجة إلى طول فلسفة من أحد؛ إنك ميتٌ وإنهم ميتون! كلّ نفسٍ ذائقة الموت! العامل الأوحد الذي اشترك فيه البشر على اختلاف مشاربهم؛ القوي والضعيف، الغني والفقير وما دون ذلك وما فوق ذلك هو الموت!
خلاصة الفكرة: تعالوا ندعو الله فيما بقي من ليالي وأيام شهر رمضان أن يمرّ العيد دونما كثير من الأحزان، تعالوا نرفع أكفنا في هذه الليالي العظيمة وندعو: اللهم اغفر لي ولوالدي، وارحمهما كما ربياني صغيرا واجزهما بالإحسان إحسانا، وبالسيئات عفوا وغفرانا. اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، وتابع بيننا وبينهم بالخيرات. اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا، ذكرنَا وأنثانا، صغيرنا وكبيرنا، حرنا ومملوكنَا.
تعالوا جميعًا نذكر من مضوا وندعو الله أن نلتقي في العام القادم ونكون من الأحياء؛ لا فاقدين ولا مفقودين. وإن حصل شيء غير ذلك أن يكون مقدمة لحياةٍ أجمل وأسعَد وأرغد من هذه الحياة. ندعو لبعضنا بعضًا لأن النبي محمد ﷺ وعد عن الله سبحانه أنه يستجاب لنا: كانت فاطمة إذا دعت تدعو للمؤمنين والمؤمنات ولا تدعو لنفسها، فقيلَ لها، فقالت: ”الجار ثم الدار“. إذن في مثل هذه الليالي أكثر من غيرها، وفي ضجيج اجتماعنا، لا ننسى الأحياء ولا الأموات من أطيب الدعاء وأجمل الأمنيات!