الحاجة إلى قيم الإمام علي (ع)..
تعيش الأمة الإسلامية هذه الأيام الذكرى الأليمة بشهادة الإمام علي ، حالة لا يمكن وصفها من اليتم والحاجة الماسة لقيم هذه الشخصية العظيمة، فاجعة استشهاد الإمام وغيابه ليس مثلها فاجعة بعد وفاة النبي ﷺ، فإذا كان ”إذا مات العالم ثلم في الإسلام ثلمة، لا يسدها شيء إلى يوم القيامة“ فكيف بشهادة أعظم ما على أهل الأرض بعد رسول الله ﷺ، كانت حياته عبارة عن قرآن ناطق مسيرة ربانية تتمثل فيه كل صفات مكارم الأخلاق والموسوعة المتكاملة لما تحتاجه البشرية في مسيرتها في كل مكان وزمان.
اليوم البشرية على المستوى الفردي والمجتمعي والأمة في كافة مجالات الحياة محتاجة لقيم أمير المؤمنين، فالعالم بشكله الفردي والجماعي يعيش عكس عقارب الساعة في زمن من أشد الأزمنة تنحرف فيه كل المعايير ويعيش العالم في حالة من التراجع السلبي على المستوى الدولي، يفتقد فيها العالم السلم والأمن الاجتماعي وتنعدم فيه العدالة مهما تشدقت القوى العالمية وأصحاب القرار الدولي برعاية واهتمامهم بحقوق الإنسان، مع ذكرى شهادة الإمام علي ، العالم اليوم بحاجة إلى قيم مستوحاة من سيرة إمام المتقين وسيد العدالة والشخصية القيادية الحكيمة، أقواله وخطبه ورسائله إلى ولاته وإلى المجتمع بكافة أطيافه خير شاهد على رقي هذا الفكر وعظمة هذه القيادة، العالم بحاجة ماسة للتزود من هذا الفيض العظيم وطوق النجاة للبشرية مما هم فيه من سيادة الفكر الأحادي والاستحواذي وهيمنة قوى عظمى على مصير العالم وأخد البشرية إلى متاهات الحروب وأتون الفتن، وسلب حقوقهم المشروعة في أن يعيشوا بأمن وسلام في وطن ينعم بالاستقرار.
قال الإمام علي : ”وَاللهِ مَا أَسْمَعَكُمُ الرَّسُولُ ﷺ شَيْئاً إِلاَّ وَهَا أَنَا ذَا الْيَوْمَ مُسْمِعُكُمُوهُ“.
فالإمام الصوت المحمدي الصادق، والعدالة في أبهى صورها وأعلى مراتبها، وخلد من أسماءه سيد المتقين وإمام العدالة ورجل الحوار وأبو التسامح في زمن اشتدت من حوله الفتن فكان نبراسا للحق والعمل من أجل تحقيق ذلك. لم يتغير في مواقفه ولم تتبدل مبادئه، العالم اليوم تنقصه تلك المبادئ في زمن انتشار الحروب وازدياد الكراهية وتفعيل لغة المواجهة والأحقاد على لغة الحوار والتصرف بالحكمة، فالفقر والركود الاقتصادي والحروب المفتعلة هي سمة من سمات هذا العالم الذي يفتقد العدالة، وغلبة القوي على الضعيف وهيمنة قوى عالمية على مستقبل البشرية، يموت الملايين من أجل أطماع خاصة، مسيرة الإمام مدرسة للإنسانية جمعاء من أجل النجاة وسلوك طريق الإصلاح، فقيادته الرشيدة وأسلوبه في إدارة شؤون دولته المترامية كفيلا أن يأخد قدوة، في كل خطوة من خطواته وكل عمل قام به.