عندما تكون الطرق الزراعية أكفأ وأسرع
بداية أود أن نهنئ أنفسنا بدخول أربع مدن سعودية مضمار المدن الذكية ضمن المؤشر العالمي IMD للمدن الذكية. وهذا النجاح هو نتيجة جهود المملكة التي بدأت منذ عام 2018 حين استهدفت وزارة الشؤون البلدية خمس مدن سعودية لتحويلها مدناً ذكية هي: الرياض وجدة ومكة المكرمة والمدينة المنورة وحاضرة الدمام.
لن أتحدث عن أهمية الطرق على مستوى الفرد والمجتمع والمدينة، وتأثير ذلك على التنمية الاجتماعية والاقتصادية، فهذه حقيقية لا تحتاج إلى نقاش، لا سيما وأنها تتعزز يوماً بعد آخر منذ أن كتب الصينيون حكمتهم الشهيرة قبل أكثر من 2000 سنة وهي إذا أردت أن تنشئ سوقاً فأنشئ طريقا.
الازدحام المروري هي مشكلة عالمية تعاني منها معظم مدن العالم ذات الكثافة السكانية العالية، وقد قامت دول كثيرة ومحاولات وابتكارات عدة للمساعدة على تجاوز وتقليل الخسائر المتنوعة والمتشعبة جراء الازدحام المروري حتى أصبحت السيارة نفسها هي المتهم الأول في الازدحام المروي.
المملكة ما زالت تعيش في حالة أشبه بورشة عمل على امتداد جغرافيتها، ليس فقط لابتكار الحلول لمشاكل الازدحام المروري، بل لخلق مدن جديدة بمعايير عالية قادرة على تجاوز الكثير من المشكلات المدنية المختلفة بما فيها مشكلة الازدحام المروري.
محافظة القطيف تشهد أيضا عدداً من مشاريع إنشاء وتوسعة عدد من الطرق في أكثر من مدينة من مدن المحافظة، وهي مشاريع وأن تأخرت إلا أنها قادرة إن شاء الله على تحريك حالة السكون في هذا الشأن. هذه المشاريع سواء المعلن عنها أو تلك التي بدأ العمل فيها لا يمكنها - للأسف - أن تحل المشكلة بالشكل المأمول، فهي وبالرغم من حجمها إلا أنها تبدو منفردة وغير مترابطة وكأنها حلول موضعية مؤقتة لا سيما إذا أخذنا عامل الوقت الذي تستغرقه طبيعة مثل هذه المشاريع الهامة.
جزيرة تاروت ووسط مدينة القطيف هما الأبعد عن الطريق السريع «الظهران - الجبيل» مقارنة بباقي مدن القطيف، وربما هما الأكثر استشعاراً لمعنى استغراق رحلة الوصول إلى الطريق السريع - وليس نهاية الرحلة - إلى ما يصل أو يزيد عن نصف ساعة!. وأمام هذا الوضع وجد قادة المركبات أن أفضل الطرق للوصول للطريق السريع والعودة أيضا هي عبر سلوك الطرق الزراعية التي بدأت تزدحم أيضا ولكنها ما زالت أسرع وأكثر جودة من الطرق الرئيسية، وهذا مؤشر قد يعبر بدقة عن الحالة التي نتحدث عنها.
إن تطوير وتوسعة الطرق الشريانية في المحافظة وتدعيمها بالجسور وربطها بالطرق السريعة وتنفيذ المشاريع الخاصة بأنسنة المدن، وتحويل ووضع المحافظة على قائمة المدن الذكية، كلها طموحات متواضعة أمام الاهتمام الرسمي الذي تحظى به محافظة القطيف، هذا الاهتمام قادر أن يكون الرافعة لكل الجهود المحلية والطموحات الأهلية للمحافظة وأكثر، ولا أدل على هذا الاهتمام من قرار مجلس الوزراء الخاص بتطوير الوضع الإداري لمحافظة القطيف أسوة بمحافظات جدة والأحساء والطائف، وما سبقه أيضا من قرارات خاصة بالتوجه التنموي لجزيرة تاروت وتأسيس مؤسسة حكومية خاصة بتطوير جزيرة تاروت.