آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 10:22 م

عبادة الثقلين

محمد أحمد التاروتي *

شكلت منازلة الامام علي مع عمرو بن عبد ود العامري، انعطافة كبرى في التاريخ الإسلامي، ”ضربة علي يوم الخندق تعادل عبادة الثقلين“ أو ”ضربة علي يوم الخندق افضل من عبادة الثقلين“، فالانتصار في تلك المبارزة احدث انتكاسة حقيقية في نفوس جيش الكفار، مما انعكس بصورة مباشرة على الروح المعنوية للمسلمين، خصوصا وان الاجهاز على عمرو بن عبد ود العامري يمثل الكثير للجيش الإسلامي، باعتباره من اشجع المقاتلين في تلك الحقبة الزمنية، فهو يعادل الف مقاتل، الامر الذي يفسر الخوف الذي أصاب المسلمين بعد دعوته للمنازلة، نظرا لمعرفة الجميع بالقوة الكبيرة التي يمتلك في الحروب، ”ولقد بححت من النداء بجمعكم هل من مبارز“.

الانتصار الذي حققه الامام علي في معركة الخندق، لا يمكن التقليل منه على الاطلاق، فقد ساهم في وضع حد لمكابرة كفار القريش، في القضاء على الإسلام، مما ساهم في تقوية شوكة المسلمين، والوقوف في وجه جميع الضغوط، التي مارستها قريش لتحجيم دور الإسلام، فضلا عن تمهيد الطريق لانتشار الدعوة الإسلامية، بشكل اسرع في المناطق المجاورة بالجزيرة العربية، فقد روي عن رسول الله «صلى الله عليه واله» انه قال ”اليوم نغزوهم ولا يغزوننا“.

دراسة معركة الخندق والاثار المترتبة، على قتل عمرو بن عبد ود العامري، عنصر أساسي في ادراك الدور الذي لعبه، سيف امير المؤمنين في انقاذ المسلمين، من الهزيمة في تلك المعركة، خصوصا وان قريش عمدت لتجهيز جيش جرار يقدر بنحو 10 الاف مقاتل، فيما لا يتجاوز جيش المسلمين 3 الاف رجل، مما يعني ان الكفة العسكرية تميل إلى جيش كفار قريش، وبالتالي فان المرور الكرام على معركة خندق، لا يخدم الدراسة العميقة للدور الكبير، الذي لعبه الامام علي في معركة حاسمة، فالرسول لخص هذه اللحظات الحاسمة والمصيرية، اثناء نزول الامام علي إلى ارض المعركة، بقوله " يا علي، امضِ لشأنك، ودعا له، ثمّ قال: «برز الإيمان كلّه إلى الشرك كلّه».

اطلاق رسول الله ﷺ مقولته الشهيرة، ”ان ضربة علي يوم الخندق تعدل عبادة الثقلين“، تختصر الكثير من الحديث، وتعطي دلائل عديدة، خصوصا وان تلك الضربة رجحت كفة ميزان الحرب في المعركة، الامر الذي دفع بعض كفار قريش لترك ميدان المعركة، والهرب بعد مشاهدة مصير اشجع رجال العرب، في تلك الحقبة الزمنية، وبالتالي الانتصار الذي حققه سيف سيد الموحدين ، يعدل عبادة جميع المسلمين حتى يوم القيامة، خصوصا وان بيضة الإسلام كانت مهددة بشكل حقيقي من قبل كفار قريش، بيد ان شجاعة الامام علي حالت دون خطط الجيش، الذي جهزه أبو سفيان للقضاء على الدين الإسلامي.

معركة الخندق تشكل حدثا مفصلا في تاريخ الإسلام، فقد ساهمت تلك المعركة في وضع حد لمكابرة كفار قريش، في التعامل مع المسلمين، حيث أدى الانتصار الكبير الذي تحقق على يد امير المؤمنين ، في إعادة ترتيب التفكير لدى كفار قريش، من خلال التعامل بواقعية مع القوة الضاربة، التي يشكلها المسلمون بعد الفشل في القضاء على الإسلام، وذهاب جميع المساعي في منع انتشار الدعوة الإسلامية في القبائل العربية.

ضربة الإمام علي في يوم الخندق، سيبقى فضلها على جميع المسلمين، فالانتقال من مرحلة الضعف والخوف من كفار قريش، جاء بعد معركة الخندق بشكل واضح، فالنظرة إلى الدعوة الإسلامية، تحولت لدى كفار قريش بعد الهزيمة في تلك المعركة، وبالتالي فإن عبادة الثقلين ارتبطت بمصير النزال، بين الإمام علي وعمرو بن عبد ود العامري، فالضربة التي أجهزت على أشجع رجال العرب، أعطت زخما قويا لدى المسلمين في المواجهة المصيرية مع الكفار، مما ساهم في الانتشار السريع للإسلام، وسيطرة الدعوة الإسلامية على أجزاء واسعة من الجزيرة العربية، وبعدها استمرار دخول المسلمين في الدين الإسلامي، ونشر عبادة الله على أجزاء من المعمورة.

كاتب صحفي