سر حياتنا البائسة
من مكارم أخلاق زين العابدين ”أللَّهُمَّ وَلا تَفْتِنّي بِالاسْتِعَانَةِ بِغَيْرِكَ إذَا اضْطُرِرْتُ، وَلا بِالْخُضُوعِ لِسُؤالِ غَيْرِكَ إذَا افْتَقَرْتُ، وَلاَ بِالتَّضَرُّعِ إلَى مَنْ دُونَكَ إذَا رَهِبْتُ فَأَسْتَحِقَّ بِذلِكَ خِذْلانَكَ وَمَنْعَكَ“
نكرر بكل صلاة «إياكَ نعبُدُ.. وإياكَ نستعين» وحين نفرغ نوكل أقدارنا للعين والسحر والجن!! نسال غير الله أن يُسّوي أمورنا ونستعين بغِيره لقضاء حوائجنا ونتضرع لمن هُم دونه في حال استحكم بنا الخوف والقلق من شيءٍ ما.. بكل صباح نخادع أنفسنا باننا توكلنا وفوضنا أمورنا إلى الله.. والحقيقة أننا نجزع لأي تغير بسيط بشؤون حياتنا.. ونثور ونغضب أو ربما نُزهق ارواحنا لو سًلبنا شيء من زينة الحياة الدنيا التي تعودنا إنعام خالقنا علينا بها.. والتي هيَ بالأصل لله حيث لا نملك من شؤون أمرنا شيئًا إلا بقدرته.. ولا نستحق من وافر النعم التي بين أيدينا شيئًا إلا بجوده وكرمه.. ولا أظن بأن هنالك شخصاً منصفاً مع نفسه يُقر بملء عقله بأنه قدم لله ما يستحق عليه رغد العيش والنعم الكثيرة التي يعيشها كل يوم.
طغت الماديات على طموحنا ورغباتنا بالحياة، وزخرفها يزدان بأعيننا يوماً بعد يوم، نلهث دون كللٍ أو ملل في الاستزادة من جميع أنواع الرزق دون حمدٍ أو شكرٍ للنعم التي بين أيدينا، ونتقن التذمر والشكاية لأتفه الأسباب التي تنغص رفاهيتنا.. وتستوقفني هنا كلمة عميقة للمفكر المرحوم علي الهويريني إذ يقول: ”لو أقمنا فقط ما بالركوع لوجدت شوارعنا نظيفة“.
يغيب عنا أن بالشكر تدوم النعم، ونظن أحيانا أن التلفظ بالشكر لله فقط هو المطلوب منا، وواقع الحال أن شكر النعم سلوك وفعل وليس قولاً وتلفظاً.. ولو حققنا ذلك لما وجدنا براميل القمامة تعج بكميات من فضلات الطعام تسُد حاجة مجاعة بلادٍ بأسرها - تشير آخر الإحصاءات أن 40% من الأرز لدينا مصيره سلة المهملات وأكثر من 50% من الخبر يلقى نفس المصير - ولما وجدنا أكواماً من الملابس والأثاث والأجهزة والإكسسوارات وغيرها الكثير بمكب النفايات، ولكُنا نمتلك شيء من القناعة يرفع مستوى الرضا لدينا حدوداً نرتقي بها ونكون سُعداء حقاً، بعيداً عن حالة الملل والكدر والسأم من وضع حياتنا التي نعيشها كل يوم.
اللهم بهذا الشهر الفضيل إجعلنا من الشاكرين، وثبتنا حين تسوء بنا الأحوال.. ولا شيء بِقدرِك سيئ.. ولا تجعلنا ممن يئِسوا من رحمتك.. وطلبوا حاجاتهم ممن هم دونك.. اللهم أجعلنا نأخذ بالأسباب.. ونسلك طريق الصواب بعونك ومشيئتك يا رحمن.