آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 6:12 م

أنتهى زمنُ مسحراتي رمضان فهل نسينا بعده بركةَ السحور؟!

كان يوم أمس، العاشر من شهر رمضان والذي يوافق الأول من نيسان/أبريل يومًا فيه رياح قويّة من بقايا برد الشمال، حوالي 21 درجة مئوية، واليوم أيضًا ريح أشدّ وأقوى. كلما هبت الريح عندنا جلبت معها أطنانًا من الأتربة وممّا يلقيه النّاس دون اعتناء في الشوارع. للأسف لم يكن جيلنا يعتني بالبيئة والنظافة إلا قليلًا، والجيل الحاضر أقلّ عناية! عادات سيئة تمنينا أن تختفي وتبقى العادات الاجتماعيّة الجيّدة.

لو بعث اللهُ أحد الآباء من جديد لرأى كثيرًا من التغيير أصاب جميع نواحي الحياة، في الزمان وفي المكان. مهن اختفت أو تغيرت وأُخر ظهرت وعادات تغيرت أو اختفت، وكأنما صدى القول المشهور: ”لكلّ زمانٍ دولة ورجال“، لا يكذب أبدًا! بعضنا رأى وعاش زمن المسحراتي والأغلب - من الشبّان والشابّات - وهم النسبة الكاثرة في الجيل الحاضر لم يروه إلا من باب الترفيه. كان توقيت ساعة السحور؛ على صوته يستيقظ الكبير والصغير ومن لا يسمع صوت الطبل ينام دون سحور!

المهم في مهنة المسحراتي والعزّام - الشخص الذي يدعو النّاس لحضور ولائم الأعراس - أنهم يعرفون بيوت كلّ الناس بالاسم؛ أبا فلان، ابن فلان، فلان، استَيقظ للسحور! يعرفون كلّ الناس، وإذا جاء آخر الشهر أعطاه أهلُ الحيّ المقسوم من نقدٍ أو طعام. هو الفنّان والمنشِد، صاحب الصوت الجهوري الحافظ لجملٍ تناسب المهمة والمتّسقة مع الآلة التي يستخدمها بمهارة ”الطبل“. والرجل رحب الصدر الذي لا يضجر من تجمع الأطفال الصغار من حوله واستئناسهم به من حينٍ لآخر!

كان الناس ينامون، ولو جزءًا من الليل، وسَاعتهم للسحور المسحراتي، أما حين ظهرت التقنيات الحديثة صار أغلبنا يسهر حتى وقتٍ متأخر من الليل وفي يد كل واحد آلة توقظه أيّ وقت شاء. كان هناك وجبَتان في ذلك الزمان، إفطار وسحور، وبينهما القليل من الأكل! أما الآن فلا يكاد بطن أحدنا يستريح حتى يمتلئ من جديد، لا يُعرف وقت للسحور من غيره.

السحور بركة: عنه ﷺ: ”لا تدع أمّتي السحور ولو على حشفة“. هذه السنّة النبوية والعادة الاجتماعية المنسية يؤيدها الطب الحديث ويقول عنها إنها تعزز طاقة الجسم، وتحافظ على مستويات السكر في الدم، وتخفف من العطش، وتخفف حدة الجوع، وتنظم وزن الجسم.

خلاصة الخاطرة: بعض العادات الجميلة الموروثة التي اخترعها البشر تتغير وتتبدل بحسب الزمان والمكان؛ المسحراتي اختفى عندنا ولا يزال موجودًا عند غيرنا. أما العادات - الصحيحة - التي اعتدناها وحثّ عليها الدين، مثل عادة السحور، فإن تغيرت مظاهرها فحبّذا لو بقيت ولم تترك!

مستشار أعلى هندسة بترول