شهر رمضان ربيع القرآن في ليالي وأيام القطيفيين!
لو زارَ سائحٌ إحدى بلدات القطيف على كثرتها في أمسيات وليالي شهر رمضان فلا داعي أن يسأل: في أيّ يومٍ نحن من الشهر؟ كلما يحتاجه هو أن يعرف أيّ سورة أو جزءٍ من القرآن يُتلى! لا صوت يعلو فوق أصوات القراء في شهر رمضان؛ حتى ساعات متأخرة من الليل بين قرآن ودعاء تصدح أصواتُ القراء في الحارات القديمة والجديدة على حدٍّ سواء.
خير صاحب وخير مصحوب! عبارة تختصر علاقة أهل القطيف بالقرآن الكريم، وعندما يقال القطيف يعني كل بلدة أو محلة دون استثناء؛ على أقل تقدير يختم القرآن مرتين طوال شهر رمضان بمعدل جزأين كل جلسة. مجالس خاصة تفتح أبوابها في شهر رمضان دون غيره من الشهور، في كل حارة وشارع مجلس يرتاده أهل وجيران، إما يتناوبون تلاوة القرآن وقراءة الدعاء بينهم أو يعمدون من يقرأ بأجرة!
لكلّ شيء ربيع وربيع القرآن شهر رمضان! نحن الآن في فصل الربيع وما على القارئ الكريم والقارئة الكريمة لكي يعرف معنى العبارة سوى أن يطل برأسه من النافذة ويرى كيف هي مزدهرة الأشجار؛ أوراق خضراء يانعة، وأشجار بدأت تحمل ثمارها لتنضجَ بعد شهور قليلة، والقرآن يزهر في قلوب القراء والمستمعين في هذا الشهر. أليس من أَمارات فصل الربيع أن تتضاعف وتنمو الثمار؟ في شهر رمضان أيضًا يتضاعف أجر القارئ والمستمع!
ربّ قائلٍ يقول: هذا في كل بلاد المسلمين وليس في القطيف فحسب! وأنا أقول: لم لا؟ هذا القرآن الواحد الذي نزل وحيًا من الواحدِ الأحد على قلب رجلٍ واحد اسمه النبيّ محمد ﷺ خير جامع ومؤلف بين المسلمين على اختلاف مشاربهم وتعدد أفكارهم؛ يتلونه ويعتنون به! كم يحتاج العالم هذا القرآن العظيم ليكون جامعًا وموحدًا بين مكوناته البشريّة بكل أطيافها؟!
خلاصة الكلام: هي نعمة تتجدد في كل سنة، في ليالي وأيام شهر رمضان، ومن الجميل أن نقول: رب لا تغير ولا تبدل نعمك إلا لما هو أحسن وأجمل، لا تصمّ أسماع المؤمنين عن أصوات التالين للقرآن والداعين في أيام وليالي شهر رمضان. ربّ اجعل كل أيَّام حياتنا ربيعًا طيبًا ببركة القرآن الكريم، أدمها عبادة وعادة تبقى من بعدنا جيلًا بعد جيل حتى ترثَ أرضكَ ومن عليها.