التواصل الفعال
جميع المخلوقات الكونية تتواصل بطريقة أو بأخرى، إلا أن الكائن البشري يتميز عن بقية الكائنات باستخدام الكلمات للتعبير عن آرائه ومشاعره. وعلى الرغم من أن الإنسان يقضي الكثير من الوقت في التفاعل مع الآخر من جنسه، إلا أنه عندما يتعلق الأمر بالتواصل الفعّال فإنه سيئ للغاية وبشكل مدهش..!
سوء التواصل، عند أغلب الناس، يتركز في عدم قدرتهم على الاستماع والإنصات بالقدر المطلوب وهذا الضعف في مهارات التواصل سببًا أساسيًا في تدهور علاقاتهم الشخصية، علاوة على تقهقر وانخفاض التوازن في العطاء على مستوى العمل والمنزل. هذا الثمن الباهظ يتم دفعه طواعية في كل مرة يتعثر فيها الفرد للتعبير عن ذاته بالطريقة الصحيحة. عندها يشعر المرء بخيبة الأمل، لينتهي سوء تواصله إلى خلاف كبير قد يتعذر إصلاحه.
المزاجية السيئة تورث التوتر الذي بدوره يؤثر على تفاعلات الفرد ويجعله أكثر عرضة للغضب والغضب المضاد. الثرثرة العقلية هي الأخرى تشتت الانتباه وتعرقل ديناميكية التواصل وتشعر الإنسان بالإحباط كنتيجة طبيعية لما يعيشه من شرود عقلي. الرسالة المهمة التي علينا التقاطها في هذا المقام، هي أن العقلية الحاضرة والهادئة باتت أمرًا حتميًا وأساسي للتواصل الجيد.
تعابير الوجه والإشارات غير اللفظية ليست بأقل أهمية عن الكلمات والتي هي عماد أي تواصل فعال. إذا كانت تعابيرك ولغة جسدك لا تتطابق مع كلماتك، فإنك تخاطر بإرباك الناس الذين تتحدث إليهم. في المنحى الآخر، إذا حدث تطابق بين ما تقوله وإيماءاتك الجسدية، فإنك بكل تأكيد ستجذب انتباه الناس إليك وتجعلهم أكثر تقبلًا وتوددا لك.
من مهام الكلمات في اللغة هو إيصال المعنى، إلا أن الناس يضعون ثقلًا كبيرًا على نبرة الصوت ويعتبرونها جزءا لا يتجزأ من المعنى المراد إيصاله. وإذا لم تستخدم النبرة الصحيحة، فمن السهل أن تربك الناس، أو ان يُساء فهمك فتثير شكوكًا وردود أفعال سلبية لدى المستمعين. لتجنب ذلك، يجب عليك استخدام نبرة دافئة تهيئ الأجواء للتواصل والتفاهم في بيئة صحية يسودها الوئام.
التحدث ببطء لا يساعد الناس في الفهم والاستيعاب وحسب، بل يعزز الاحترام المتبادل ويترك تأثيرًا إيجابيًا أيضا. في المقابل، التحدث بسرعة، يثير القلق والتوتر لدى الآخرين، علاوة على كونه تواصلًا صعبا، بلا منفعة أو فائدة.
قدر الإمكان، تجنب المقاطعة الكلامية. إذا كانت مداخلتك ضرورية، فيجب عليك بكل أدب ولباقة أن تعتذر وتؤكد للشخص الآخر أن ما يقوله مهم ومفيد. وعندما يحين وقت الرد، يجب أن تتناول صلب الموضوع، لأن تغيير مادة البحث عادة ما يعيق انسياب المحادثة بشكلها العادي والمألوف.
في الختام، التواصل الفعال لا يحدث من تلقاء نفسه، بل من خلال خطوات واضحة وعملية. ابدأ بتهدئة عقلك، وتعلم أن تكون أكثر حضوراً، مع قُدرتك على ترويض حديثك الداخلي. وأخيرًا وليس آخرًا، تحدث ببطء وتأكد من أن تكون نبرة صوتك دافئة. هذا يساعد المستمع على فهمك وتقبلك، ويترك انطباعًا لدى الطرف الآخر بأن المتحدث واثقًا من نفسه، محيطا وملمًا بحيثيات الموضوع. هذه أمور أساسية يجب توافرها في أي عملية تواصل فعال.