حكواتي السعودية
إنه من يدخلك في قصة ليخرج من أخرى، هو من يتسلل إلى أعماق أعماق فكرةٍ ليمزج بين الفكرة والمخيلة والصوت العذب، هو ذلك الحكواتي التي تشرئب له الأعناق، ويثير الدماغ ليعمل في أقصى جهده ليمتص شيئاً من علوم مجتمعة يعرضها في قالب عصري وبروح ضاربة في عمق التاريخ والهوية، ربط فني ذكي بين جوانب متناثرة ليبني سلسة متسقة من الأحداث والتي تحمل الأفكار والعبر.
لوحة سيريالية غير مفهومة للوهلة الأولى يستمر فكرك في البحث فيها عن رسالة وهدف، لكنك لا تستطيع تجاوز جمالها ولا الدهشة التي تولدها، التفكير المستمر الذي يرفع الأدرينالين في حماسته، والمتعة في انسياب كلماته، وانتقاء ألفاظه. فهل الجمال كان في القصص أو اللفظ أو السرد أو الصوت، أم في اختيار الموسيقى والنسق.
استعراض لثقافة كبيرة وقراءة جمة متنوعة، ليس لديها تخصص ولا لديها توجه، عبثية إبداعية، فن يجمع فنون، وجمال تبحث عنه لا تدري لم؟ المتعة مغلّفة لفكرة أو لفكرة معروضة بفن، أو لفتح شهية القراءة التي تراجعت من كثرة الغث المعروض على وسائل التواصل والاستهلاك السهل لها.
هو وصف بسيط إن سمح لي الدكتور خالد اليحيا لإبداعه الفني الأدبي «الحكواتي» المتفرد، توغل في نفوسنا ونفوس أبنائنا، حاورنا ببساطة وناقش «الدوافير» بعلمه وثقافته. أسس بإبداعه فنا جديداً غير الرواية والسرد. وحين استوقفته وسألته وأين يمكننا أن نقرأ ما كتبت وننشره؟ ابتسم ابتسامته الخجولة ليقول إن ما يكتب محله الدرج. وأنا أقول إن دهشة ما كتبت ساكنة في أذهاننا و«ثرثرة وقبس» شاهدة على بقاء كلماتك.