ثمار عون البنات أمهاتهنّ في شهر رمضان!
صرنا في اليوم الخامس من شهر رمضان، ومن اليقين أن أغلب الأبناء والبنات مع أزواجهم أفطروا ولو يومًا واحدًا مع والديهم! بيت العائلة هو المألَف الذي يحن له كلهم. وأنتم تسيرون إلى ذلك المنزل - العامر - من أجل الإفطار، تسيرون في الزمان وفي المكان، بمعنى أنكم خرجتم في وقتٍ ما ثمّ وصلتم في وقتٍ آخر، كنتم في مكانٍ ما ثمّ صرتم في مكانٍ آخر.
لا شيء يحدث خارج ما يعرف ب ”زمان - مكان“ spacetime أو الزمان المكاني، وهو دمج لمفهوم الزمان والمكان؛ الفضاء بأبعاده الأربعة، الأبعاد المكانيّة الثلاثة التي نعرفها؛ الطول والعرض والارتفاع، مضاف إليها الزمن كبعدٍ رابع. وفي الوقت الذي نستطيع أن نتحكم في الأبعاد المكانية الثلاثة فنحن عاجزون عن التحكم في البعد الرابع وهو الزمن، فمثلا، الزمان هو شهر رمضان سنة 1444 هجرية والمكان هو بيت العائلة! يعود شهر رمضان من جديد في بيت العائلة، ولكن يستحيل أن يكون في سنة 1444 هجرية.
بعض البنات - المتزوجات - يصلن المكان المناسب في الزمن المناسب بصحبة أطفالهن؛ الأمهات تعد الإفطار وهنّ يضعن ركبة فوق ركبة جالسات أو يتسلين وهكذا يمضي الوقت ويحين وقت الإفطار بينما الأم تعمل مثل الماكينة دون توقف، تجهد ولا تشتكي. وإذا جاء وقت الإفطار أخذ التعب منها كلّ مأخذ والضيوف - الأبناء والبنات - مرتاحون أيّما راحة! إن كان من أحد يستحق الراحة والجلوس في حضور البنات والكنَائن - زوجات الأبناء - فهي الأم!
المهارات والمعارف النسويّة تنتقل من جيلٍ إلى جيل عبر مراقبة البنت لأمها ومشاركتها العمل قبل أن تصبح هي زوجة وأم وتحتاج هذه المهارات. أضف لذلك أنه نوع من البر بالأم في شهر رمضان ما يضاعف الأجر على العمل. من المتوقع أن البنت التي تعين أمها في أعمال المنزل - متزوجة أم عزباء - أن يكون هذا العمل سببًا في تميزها في الحياة الدراسية والعملية والزوجية أيضًا، كل ذلك من بركات الأم! وأن يوفق الله بناتها في المستقبل أن يكنّ عونًا لها.
ما أردت قوله هو أن من سعادة الأم استضافة البنات المتزوجات وبقية أفراد الأسرة، لكن العمل في شهر رمضان يشق عليها دون عون من بقية أفراد الأسرة وهم ليسوا ضيوفًا، إنما أحباب حلوا في الزمان المناسب والمكان المناسب فلا يحسن بهنّ أن يقعدن عن المشاركة الفعالة في مهام شهر رمضان الكثيرة؛ مهارة تكتسب وأجر من الله!
هل يجب أن تكون الأمور واجبة لكي نقوم بها؟ لا أعلم! إن أمورًا بسيطة مثل مساعدة الأمّ في شهر رمضان تجلب الثواب والبركات، وإن لم تكن واجبة دينيًّا فإنها بمثابة الدَين الأخلاقيّ الواجب الأداء!