حياة ذات معنى
الإعتقاد السائد لدى الناس، أنهم بمجرد أن يحققوا ما في جعبتهم من أهداف، حتى تُحَل عُقَد الحياة ويتسّع لهم الوقت ليستمتعوا بما جمعوه من مال وما كسبوهُ من ممتلكات، فيما تبقى لهم من عُمْر..! لقد نسي هؤلاء، كم أضاعوا من وقت في أشياء تافهة هي أبعد من أن تكون نَوَاةً لحياةٍ ذات معنى..!
يمكننا أن نجلس طوال اليوم نتحدث عن أولئك الناس الذين أفنوا شبابهم في التخطيط والهرولة وراء تحقيق مكاسب تضمن لهم الهدوء والراحة التي تُنسيهم شقاوتهم التي عاشوها، يدخرون لمُستقبل لا يعلمون أنهم سيصلون إليه أم لا..!
تمضي الأيام سريعًا ليكتشف هؤلاء المساكين أنهم كانوا يكنزون ويبنون ليوم طال انتظاره لكنه لم يأت أبدًا..! من بوابة المتفذلك على المتغيرات الحياتية، يسعى البعض لتغيير وجهتهم بين وقت وآخر لإقناع أنفسهم والآخرين أنهم يمتلكون خُططًا بديلة تضعهم في المسار الأنجع والأصح للوصول إلى حياة هادئة ذات معنى كما رسموها. أيام قليلة اخرى، بعدها تُغير الريح وجهتها، ليعود القلق من جديد يطرق أبوابهم، ليكتشفوا أنهم يسيرون في الاتجاه الخطأ وأنهم بدؤوا يتوقون للعودة لحياتهم الأولى.
إذا كنت دائمًا تركض وراء المكانة الإجتماعية أو المنصب وفي سعي حثيث وراء المكاسب المستقبلية، فلن تكون قادرًا على الاستمتاع بوقتك الحالي. دائما وأبدًا، ستبدو لك الحياة قصيرة وأن الزمن يمضي بسرعة البرق ودون أن تصل إلى مبتغاك. كذلك هو الحال بالنسبة لأولئك الذين يتابعون حياة الرفاهية والمُتع الآنية. هؤلاء الناس ما زالوا يفكرون في الكيفية التي ستنتهي عليها مُتَعهم الحالية التي يعيشونها، حتى يراودهم التفكير في البحث عن كيفية الإغراء التالي ومن أين سيأتي..!
الرضا الحقيقي ينبع من الداخل. والاعتدال هو أفضل سياسة حياتية يمكننا من خلالها أن نتحكم في ذواتنا والوصول إلى حالة من الرضا والاستقرار النفسي والسعادة الحقيقية التي هي مُراد الطالبين. الحياة غالبًا ما تشعرنا بأحاسيس ممتعة سريعة الزوال، قد تنشط مؤقتًا، لكنها ليست ضمن سيطرتنا، وسرعان ما تختفي تلك المتع بنفس السرعة التي ظهرت فيها.
الحكيم هو ذلك الشخص المستقل، الذي يعتمد على نفسه ولا يشكل فقدان المكانة أو المال نكسة حقيقية بالنسبة له. أضمن طريق للرضا الحقيقي هو أن تتصرف في حدود إمكانياتك. قيمة الذات تأتي من الداخل، وأنت الشخص الوحيد الذي تستطيع تحديد مدى رضاك عن العالم من حولك. كن مؤمنا بنفسك واثق الخطى، منضبطًا ومسيطرًا على غرائزك حتى تستمتع بالرحلة من بدايتها إلى آخر لحظة فيها.