ضجيجهم يؤنسني
ألقت عباءتها على السرير وأطلقت صرخة كاتمة من صدرها المليء بالكلام، ضجيج يسكن فؤادها وعقلها كلما اجتمعت مع عائلتها ”أهؤلاء من كنت أتمنى أن أكون معهم؟!“ رجعت عبير من غربتها لتكون قريبة منهم لتشاركهم أفراحهم وأحزانهم، إنهم عزوتها، عذوبة أحاسيسها معهم… معهم فقط، اشتاقت إلى ضجيج ضحكاتهم الذي كانت تعهده وهي في غربتها، ما بالهم؟! لماذا تغيروا؟! أيغير الزمن أطباعنا حقًا؟! تساءلت بينها وبين نفسها ”أتغيرت أنا فأصبحت لا أحب المجاملات والغيبة والتحدث في مواضيع تافهة؟! أم السويعات البسيطة التي أقضيها بينهم قليلة فلا يسعني معرفة الجميع؟!“
تساؤلات كثيرة تدور في مخيلتها، ولكنها قررت أن تتعايش مع شخصياتهم فلربما تُغيّر شيئًا بسيطًا وتُحدث فرقًا فقررت أن تحتفل بعيد الفطر المبارك في منزلها وتجمع كل عائلتها، جهّزت كل ما يلزم الحفل واستقبلتهم بكل حب وسعادة إلى أن جاء وقت العصر وقررت أن تعمل مفاجآت للأطفال لزهوة العيد وجاء المهرج ومعه البالونات، كان كل شيء جميلاً إلى أن حصل ما لم يكن بالحسبان، كان هناك طفل من أطفال العائلة يبكي لأن طفلاً آخر من العائلة ضربه وهنا كانت الزوبعة حيث حضرت الأمهات لتدافع كل واحدة عن أطفالها فزعلت كل عائلة وقرروا المغادرة قبل موعد انتهاء الحفل وكذلك بدأت العائلات الأخرى تستعد للرحيل أيضًا، فجمعتهم لتتحدث معهم عن سعادتها بينهم وأن أكبر أحلامها كان القرب منهم، كانت ترى كيف يتهامسون فيما بينهم ولكنها تعلم يقينًا أن الحفلة أعجبتهم وأنها تحبهم على الرغم من كل شيء.
رحل الجميع وبقيت عبير مبتسمة إلى أن آوت إلى فراشها وهي تتنهد تنهيدة النصر والسعادة بخلق جو عائلي دافئ على الرغم من الشكوى حولها على كل شيء تقريبًا، إلا أنها وقفت ثابتة، تنظر لهم وترى وجوهًا قد فارق حسن الظن فؤادها، أصبح كل واحد منهم نبتة صغيرة لا تريد أن تصعد للسماء بسمو أخلاقه لتعلو ويعلو كل شيء حوله، جلست على اتصال والدتها وهي تقول لها أن لا تفكر مرة أخرى في جمع عائلتها لأن زوجة عمها زعلت لأن الدعوة لم تصلها إلا متأخرًا، ابتسمت وقالت لوالدتها: ”إن شاء الله يا قلب ابنتك.. أمرك“، وبعدها بقليل إذا باتصال جدتها: ”عبير لماذا لم تدعين جارة خالتك وصديقتها؟“ فأجابت: ”الاحتفال عائلي يا جدتي“ فصرخت في وجهها: ”ولكنها من العائلة ألا تفهمين؟“ ابتسمت وقالت: ”أمرك جدتي“
ما بالهم؟! تغير الود بينهم لأسباب تافهة «إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ»، حقًا رضاهم صعب، سيظلون في قلبي كما كانوا حتى يغيّر الله ظنونهم ويهديهم على بعضهم، ابتسمت عبير وقالت ”سأتعايش بينهم فأنا أحبهم“
صفاء القلوب سفينة النجاة من كل رياح، قف ثابتًا وإن كانت العواصف هائجة، الحب مصباح مضيئ يضيء لك دربك وعقلك والأمل سيغيّر العقول المتحجرة فالله معك، وعلى قدر النوايا ترزقون، كن كما تكون بالحب والعطاء
دمتم بسعادة وظن جميل