تشكيل الوعي
عملية تشكيل الوعي الذاتي مرتبطة بالإرادة الشخصية، والعمل على تحطيم الحواجز النفسية، والموانع الطبيعة، من أجل الارتقاء التفكير الشخصي، بما يتواكب مع حجم التحديات، والتعاطي برؤية واضحة مع مختلف الأحداث على الصعيد الاجتماعي، خصوصا وان انعدام الإرادة الشخصية يحول دون امتلاك الأدوات المناسبة، للانطلاق في سماء الوعي على مختلف الأصعدة.
البيئة الاجتماعية تشكل بدورها عنصر تحفيز للارتقاء بالوعي الذاتي، فالمجتمع الخامل يترك انعكاسات سلبية على طبيعية التفكير، وكذلك يتسبب في حالة من الخمول الشامل، بخلاف البيئة الاجتماعية النشطة والتي تعج بالحركة الدائمة، فإنها تحفز أفرادها على مواكبة التطورات المتلاحقة، الأمر الذي ينعكس بصورة مباشرة على مستوى الوعي الجمعي، خصوصا وان الأحداث الساخنة تفرض نفسها على التفكير الاجتماعي، لا سيما وان المناخ العام في البيئة الاجتماعية يشجع على التحرك باتجاه الارتقاء بمستوى الوعي، بهدف الانسجام مع التطورات المتلاحقة على الصعيد الاجتماعي.
العمل على التعاطي المباشر مع النخب الثقافية، يلعب دورا فاعلا في عملية الارتقاء بالوعي الذاتي، خصوصا وان اللحاق بركب النخب الثقافي يتطلب بذل الجهد لتشكيل الوعي، بما ينعكس على ”الرضا“ الذاتي أولا، ومحاولة الدخول في نادي النخب الثقافي ثانيا، ”زاحموا العلماء بالركب“، فالتردد على النخب الثقافي دون امتلاك القدرة على مسايرة التفكير لدى هذه الفئة، يعتبر إضاعة للوقت، وعدم القدرة على الاستفادة القصوى من هذه الشريحة، وبالتالي فإن الارتقاء بالوعي يستدعي البحث عن العناصر الداعمة بالطريقة الإيجابية، بحيث تقود على الذات بالفائدة الكبرى، على إطار تشكيل الوعي الذاتي.
تشكل الخبرات الحياتية المتراكمة أحد العناصر الداعمة، لعملية الارتقاء بالوعي الذاتي، فالأخطاء التي يرتكبها البعض في طريقة التعاطي مع المشاكل الحياتية، تسهم في عملية تصحيح المسارات، وطريقة التفكير بشكل عام، مما يساعد في تجنب تلك المشاكل في المراحل اللاحقة، الأمر الذي يسهم في الحصول على حصيلة حياتية قادرة على مواجهة المشاكل، على اختلافها خلال المسيرة الشخصية، ”لا يلدغ المؤمن من حجر مرتين“، وبالتالي فإن النظرة القاصرة لمفهوم الوعي ليست قادرة، على تحديد الآليات المناسبة لاكتساب هذه الميزة، خصوصا وان مفهوم الوعي يتجاوز بعض الاعتقادات البسيطة التي يحاول البعض الترويج لها، مما يتسبب في بعض الإشكالات لدى بعض الشرائح الاجتماعية، بحيث تقود إلى مزيد من الانتكاسات، وعدم القدرة على تطوير الوعي الذاتي.
الجانب العلمي يلعب دورا حيويا في عملية تطوير الوعي الذاتي، ”لا علم لمن لا بصيرة له“، ”كل إناء يضيق بما جعل فيه إلا وعاء العلم فإنه يتسع“، فالعلم يوسع الآفاق، ويساعد في تطوير التفكير، بحيث ينعكس بشكل مباشر على طريقة التعاطي مع الأحداث، فالجاهل ليس قادرا على امتلاك الوعي اللازم للنهوض بالذات أولا، والفشل في الانخراط بشكل إيجابي لتقديم القراءة السليمة للأحداث على الصعيد الاجتماعي ثانيا، ”الجهل مميت الأحياء، ومخلد الشقاء“.
القدرة على الاختيار المناسب، وكذلك عملية التعاطي الحذر مع الأزمات ”الشائكة“، ينم مع مستوى متقدم من الوعي لدى الأفراد، خصوصا وان الانغماس الكامل وانعدام القدرة على الاختيار الصائب، يكشف ضحالة الوعي لدى البعض، لاسيما وان الأزمات الكبرى تتطلب الكثير من التريث، وعدم الاستعجال في اتخاذ المواقف، نظرا لوجود زوايا خفية يصعب كشفها بسهولة، وبالتالي فإن التسرع في اتخاذ القرارات يترك تداعيات خطيرة على الإطار الشخصي، مما يفرض انتهاج آليات محددة والابتعاد عن الارتجالية في المواقف.
تشكيل الوعي لدى الأفراد عملية ضرورية، لتفادي الوقوع الأخطاء الكارثية، خصوصا وان بعض الأخطاء تتجاوز الإطار الشخصي، لتصيب بعض الشرائح الاجتماعي، جراء تقديم قراءات خاطئة تدخل البيئة الاجتماعية في كوارث خطيرة.