كيف نتعلم من كوننا مخطئين قد يؤدي إلى اصابتنا بالقلق
بقلم ديسيرا إي ديل كامبو
10 يناير 2023
المترجم: عدنان أحمد الحاجي
قدم له وراجعه البرفسور رضي حسن المبيوق، علم النفس التربوي، جامعة شمال أيوا
المقالة رقم 72 لسنة 2023
How we learn from being wrong can lead to anxiety
Deserae E. del Campo
January 10,2023
How we learn from erroneous expectations that we face in the real world
مقدمة برفسور رضي حسن المبيوق
موضوع هذه الدراسة يمت بصلة وثيقة وبشكل عام بسيكلوجية الحافز [1] والذي يعد من الجوانب المهمة في علم النفس التربوي. وبشكل خاص، موضوع البحث المترجم أدناه يتعلق مباشرة بنظرية التوقعات التى ارسى قواعدها الباحث ڤيكتور ڤروم Victor Vroom في اعلى 1964[2] . ويعرِّف ڤروم التوقعات كالتالي: ”يصبح الإنسان متحفزا أكثر لبذل الجهد إذا اعتقد بأن جهده المضاعف سيثنى عليه ويكافأ.“ وفي مكان آخر يضيف صاحب نظرية التوقعات بأن أثناء عملية التوقعات، يقوم المرء بإدارة الخيارات المتاحة له بين نشاطات يمارسها بمحض ارادته. " بعبارة أخرى، يتصرف الإنسان ويوائم سلوكه وجهوده مع ما يحقق له النتيجة المتوقعة أو المرضية له.
وكما هو مذكور في البحث المترجم أدناه، فإن النتيجة قد لا تكون مطابقة لتوقعاتنا، فقد تكون النتيجة أحيانا فوق أو دون توقعاتنا.
هناك عوامل ثلاثة لنظرية التوقعات ومعرفتها تزيدنا فهمًا أكثر للدراسة التي اجراها الباحثون على طلبة جامعة ميامي المرتبطة بتوقعاتهم عن نتيجة الامتحانات التي أخذوها: العامل الأول هو طبيعة التوقعات والتي تتلخص بأن بذل المزيد من الجهد يزيد من جودة الأداء، والذي بدوره يوصل الشخص إلى النتيجة المتوقعة. معرفة هذه المعادلة وتطبيقها هي التي تحفز المرء على انتهاج أفضل وأنجع السبل للحصول على النتيجة / التوقعات / الهدف. وذلك يعني التفكير في المهارات والمعلومات التي يحتاجها الشخص لأداء المهمة والحصول على النتيجة الإيجابية المستهدفة. هذا العامل يتأثر سلبًا أو ايجابًا بحسب مستوى النجاعة الذاتية [3] للفرد وشعوره وتصوره بمدى صعوبة الهدف وايضا شعوره بمدى قدرته على التحكم في مستوى ادائه للعمل.
العامل الثاني هو ما ورد في تعريف التوقعات على ان المكافأة تعتمد على مستوى وجودة الأداء. والعامل الثالث يتعلق بأهمية النتيجة أو المكافأة للشخص واذا ما كانت تتلائم مع احتياجاته وأهدافه وقيمه.
معرفة هذه العوامل تضيئ أكثر على دور التوقعات في النتائج وكلما كانت التوقعات ايجابية ومصحوبة ببذل جهود مناسبة كلما زادت فرص تحقيق الأهداف. والملفت في البحث المترجم أدناه هو ربطه بتأثير التوقعات في الحالة النفسية وخاصة إذا تحولت عملية التوقعات إلى عادة يمارسها الشخص بشكل تلقائي «عفوي». فإن كانت التوقعات ايجابية أو تفاؤلية، نعٍم الشخص بالطمأنينة والراحة النفسية، والعكس صحيح.
البحث المترجم
كيف نتعلم من التوقعات الخاطئة التي نتعرض لها في العالم الحقيقي «الواقع الخارجي» تختلف من شخص لآخر. بينما قد يكون لدى البعض نظرة متفائلة للحياة، فقد يتبنى البعض الآخر نظرة أكثر تشاؤمًا.
حلل باحثو علم النفس كيف يمكن للتنبؤات والتوقعات أن تؤثر في الحالة المزاجية للأشخاص ووجهات نظرهم في بيئة مختبر منضبطة [تجربة منضبطة في المختبر]، لكن قرر الباحثون في جامعة ميامي دراسة تقلبات «تغيرات» التوقعات البشرية باستخدام أكثر الأمور أهمية بالنسبة للطلاب الجامعيين - وهي الدرجات التي يحصلون عليها في الامتحانات.
”دائمًا ما يكون لدينا توقعات سواء أدركنا ذلك أم لم ندرك،“ كما يقول آرون هيلرAaron Heller، كبير مؤلفي الدراسة وأستاذ مشارك في قسم علم النفس في كلية الفنون والعلوم، جامعة ميامي. ”كلما تبين أن توقعاتنا كانت خاطئة، كلما أصبحت أمَارَةَ تعلُّم نوظفها لتكوين توقعات أفضل في المستقبل،“ كما قال آرون هيلر، على الرغم من أن الدراسات المتعلقة بأخطاء التنبؤ السابقة، التي أجريت في المختبر، سيناريوهات محاكاة، قرر هيلر وفريقه اتباع مقاربة أكثر طبيعية وذلك بتحليل توقعات الطلاب المتعلقة بتنبؤاتهم بدرجات امتحان مادة الكيمياء، التي درسوها في جامعة ميامي، التي سيحصلون عليها. [المترجم: أخطاء التنبؤ هي قياس الفرق بين ما يتوقعه المرء وبين ما يحصل عليه في الواقع [4] ]
لمساعدة الباحثين على جمع البيانات، وافق الطلاب على مشاركة درجات أربعة امتحانات أخذوها خلال الفصل الدراسي مع الباحثين. بعد كل اختبار، أرسل الطلاب إلى هيلر وفريق البحث درجاتهم التي توقعوا أن يحصلوا عليها «من صفر إلى 100» في ذلك الاختبار. في الدراسات المختبرية الصغيرة التي تبحث في كيف يتعلم الأشخاص من أخطاء التنبؤ هذه، أثبتت البيانات أن الناس يبدون ما يسمى ب ”التحيز التعلُّمي المتفائل،“ مما يعني أنهم يتعلمون أكثر من المفاجآت الإيجابية [أي النتائج التي تفوق توقعاتهم]، مقارنة بالمفاجآت السلبية [أي النتائج التي تكون أدنى من توقعاتهم].
في دراستهم على الطلاب، وجد هيلر أيضًا نتائج مماثلة. بشكل عام، أبدى معظم الطلاب تحيزًا تعلُّميًا متفائلاً من حيث أنهم تعلموا أكثر عندما حصلوا على نتائج أفضل مما توقعوا مقارنةً بما لو حصلوا على نتائج أسوأ من توقعاتهم. ولكن كانت هناك مجموعة أخرى من الطلاب الذين كانوا دائمًا أكثر تشاؤمًا خلال الفصل الدراسي.
”عندما حصل الطلاب الأكثر تفاؤلاً على درجات أقل مما كانوا يتوقعون، غيروا توقعاتهم بالشكل المناسب لكنهم بعد أن أخفقوا في امتحاناتهم السابقة لم يفرطوا في تصحيح أخطائهم في الامتحانات التالية. قال هيلر إن الطلاب الذين كانوا أكثر تشاؤما توقعوا أن يحصلوا على درجات أقل في الامتحان اللاحق حتى لو كانت درجاتهم الأخيرة أعلى قليلًا مما توقعوا.“ هذا التشاؤم أدى بأن يكونوا غير دقيقين فيما توقعوه بشكل عام، وبالنظر إلى طريقة تعلم الطلاب، توقع الباحثون ما إذا كان الطلاب سيصابون بأعراض القلق في مرحلة الشيخوخة. "
في جوهرها، تبرهن الدراسة على أن المشاعر الإيجابية والسلبية للأشخاص لم تكن مدفوعة فقط بدرجات الامتحان التي حصلوا عليها، ولكن بما توقعوا أن يحصلوا عليه. أولئك الذين لديهم نظرة تشاؤمية يصابون بزيادة في القلق عندما يتبين لهم أن توقعاتهم غير صحيحة. ”مساعدة الناس في أن تكون توقعاتهم صحيحة تُعتبر خيارًا علاجيًا مهمًا للاضطرابات، كاضطرابات القلق والاكتئاب،“ كما قال هيلر.
يخطط هيلر للتوسع في هذه الدراسة وذلك بفهم لماذا يترك طلاب جامعة ميامي تخصصات العلوم والتكنلوجيا والهندسة والرياضيات STEM. ”نود أن ندرس، مستخدمين هذه الأنواع من المتغيرات السيكولوجية، لماذا يترك بعض الطلاب تخصصات العلوم والتكنلوجيا والهندسة والرياضيات ومن ثَمَّ نطور على أساسها تدخلات لمساعدتهم على البقاء في هذه التخصصات.“
الدراسة، ”الفروق الفردية في التعلم الطبيعي تربط المشاعر السلبية [5] بالإصابة بالقلق“ منشورة في مجلة تقدم العلوم Science Advances «6».