الاختلاف في الرأي يفسد الود؟
صديقان تجمعهما كثير من الأمور والخصال، متقاربان في العمر، ويعملان في مدرسة واحدة، ويسكنان في منطقة واحدة. التعاون بينهما ملحوظ حيث إن عملهما بعيد عن مسكنهما، لذلك؛ فإنهما يتعاونان في قيادة السيارة للذهاب إلى مدرستهما في كل أسبوع. كلاهما متدين، ولكن كل واحد منهما لديه ثقافة دينية مختلفة عن الآخر. أحدهما يرى بأن الطريق إلى الله بعدد انفاس الخلائق، وأما الآخر فإنه يرى بأن الطريق إلى الله واحد فقط. وجهتا نظرهما مختلفة ولكل واحد منهما أدلته على وجهة نظره. وتبعا لذلك؛ فإن أحدهما يرى بأن الموسيقى حلال وجائزة ويدعي بأنها تهذب النفس، في حين أن صديقه يرى بان الموسيقى حرام وتسبب أمراضا نفسية لا تظهر إلا بعد فترة، لذلك؛ فإن الشرع حرمها.
هناك اختلافات كثيرة في فهمهما للدين. وقد انتهت بمشكلة كبيرة بينهما وصلت إلى حد القطيعة.
فهل هذه عقول متزنة؟
يتكون الرأي من خلال قراءات ثقافية والبيئة التي يعيش فيها الإنسان لتتكون بعد ذلك قناعاته التي يدافع عنها لأنها جزء من كيانه التي لا يمكن التنازل عنها حتى وإن تظاهر بخلاف ذلك، إلا إذا تبنى رأيا مختلفا وتبدلت تبعا لذلك قناعته.
خلق الله الإنسان وجعل له عقلا يفكر به، وعقول الناس تختلف بطبيعة الحال فليس هناك اثنان يجتمعان في كل الآراء، إذ لابد من اختلاف بينهما. ولكن الجامع بين الناس وإن اختلفت آراؤهم هو الاحترام المتبادل التي من ضمنها احترام الرأي الأخر المختلف. وحتى الرأي الذي تختلف فيه مع إنسان، قد يأتي وقت تتفق معه عليه، أو قد تنعكس الصورة فيتبنى كل واحد منهما رأي الذي صاحبه اكان يعارضه في السابق.
فلا غضاضة في أن صديقان أو أخوان أو زوجان يختلفان في آراء ويتفقان في آراء اخرى. تلك هي فطرة الله التي فطر الناس عليها وطبيعة الحياة تقتضي تنوع الآراء لاختلاف المشارب.