أنت لست متخصصا!!
جزء كبير من المعترضين على النقد المصوب تجاههم يكون مبررهم التخصص!! لكنهم عندما يتعرضون لأفكار الآخر وتخصصات الآخر لا يشملهم هذا المبرر لأنهم بحسب ظنهم يمارسون حقهم، إذ نقد الأفكار هو حق لجنابهم فقط وإذا كان من الآخرين يجب عليهم التخصص، عجيب جدا!! في تصوري إعطاء تبرير لتحجيم الآخر «كالتخصص» هو محاولة لاستغفال الآخر، ليس من المعقول أن تلغي إشكال الآخر لأنه غير متخصص. ما هو التخصص الذين يطالبونه من الآخر؟ من أين يؤخذ؟ هل الجميع يستطيع الحصول عليه؟ لماذا لا يفرضونه على أنفسهم؟ هل من المعقول أن يصمت الجميع عن الأخطاء الحاصلة لمجرد أنهم غير متخصصين؟
أرى بأن من حق أي فرد أن يطرح إشكاله ونقده على ما يراه، وهذا حق الجميع، وقناعتي بأن أي عمل وفكرة تلقى على الناس من حق أي فرد أن ينقدها عندما يرى الخلل تجاهها. لا أعلم لماذا كل هذا القلق من شخص بسيط يطرح إشكاله، ومن ثم بدل أن يتم الرد على إشكاله يرد عليه «أنت لست متخصصا»!! ألف علامة استفهام على هذه الردود الذي تتهرب من الإجابة والتوضيح. عندما يخطئ مهندس ما في تصميم البيت هل من المعقول أن يرد على الآخر بأنه غير متخصص؟ هل عندما يخطئ المعلم في شرح نقطة ما هل يصح أن يرد على الطالب بأنه غير متخصص؟ الأمثلة كثيرة وليست حصرا على مجال ما، لكن حجة المتخصص ليست واقعية، والإشكال على المتخصص ليس تطاولا وتطفلا على التخصص.
إذا كان أي شخص لا يستطيع الرد على إشكال ونقد الآخر يستطيع أن يقول بأنني لا أملك أي إجابة على الإشكال المطروح. أيها المتخصصون أو من تطالبون بالتخصص لكي يستطيع الشخص أن يستشكل على أمر ما، جاوبوا الناس وردوا عليهم حيث تملكون إجابة، أما هذه المبررات فهي مبررات لا تجدي نفعا. عالم اليوم أوسع مما يظنه البعض «الذين يطالبون بالتخصص»، إذ البحث والحصول على المعلومات بات سهلا، وكم غير متخصص أعلم من المتخصص نفسه في مجال تخصصه. المشكلة بأن هؤلاء يريدون منا أن نأخذ بما يطرحونه فقط لأنهم متخصصون، عجيب والأعجب أن نسلم عقولنا بكل هذه البساطة.
أعلم بأن هذه الفكرة ليس لها قبول إلا عند قلة قليلة، لكن هل بهذه البساطة أن يسلم الإنسان عقله لشخص مجرد أنه متخصص؟، دعونا نتأمل الواقع ونبحث ونتعرف وليس أن نكون ضحايا الغفلة.