آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 1:09 م

هل الجنّ تقرأ رسائل مَجموعات WhatsApp بعد نصف الليل؟!

المهندس هلال حسن الوحيد *

الليلُ لعابدٍ أو متعلّم أو محبّ أو سامر أو نائم، فأينَ الليل من ذلك وأينَ نحن فيه؟ في النّاس من يرسل موعظةً أو درسًا دينيًّا أو نكتة بعد منتصف الليل بوقتٍ طويل! مجموعات لا تتوقف عن الرسائل طوال 24 ساعة وكأنها مصانع للدواء أو الغذاء!

في مجموعات التواصل من لديه عمل وعليه الاستيقاظ باكرًا، من عنده عائلة ويريد أن يترك لها وقتًا، من يقرأ، من يريد أن يعبد الله في هدوء، ومن عنده مرض يحتاج للراحة! ليس كلّ أحد يتذكر أن يفعل خواصّ هاتفه لمنع أصوات التنبيه لأنه كبير في السنّ أو يريد التواصل مع أفراد معينين! أو ليس بارعًا في تكييف الهاتف ليفعل ذلك!

أمور في الحياة تحولت من نعمةٍ إلى نقمة؛ اختراعات جميلة كان من المفترض أن تعين الإنسان وتريحه لا أن تحوله إلى ماكينة مستيقظة دون نوم، بدعوى الاطّلاع والثقافة والتعليم ومتابعة الأحداث والتواصل! هل التواصل أصلًا مطلوب في ساعاتٍ متأخرة من الليل أم النوم والراحة أهم من ذلك عقلاً وقولًا؟ ﴿وَالنَّوْمَ سُبَاتًا يعني تعطيل قسم من الفعاليات الجسميّة والروحية للإنسان في الليل، وفترة لتجديد القوى الروحيّة والجسديّة والاستعداد ليوم جديد! كيف إذن لا نعطل إرسال الرسائل؟

لا تفصِّل راحة النّاس على مقاسك! إذا تعتقد أن رسائلك هامّة، انتظر وأرسلها في وقت يكون البشر مستيقظون فيه، أما غير ذلك فأتمنى أن يقرأها الجنّ وأشك أن الجنّ لديهم اهتمام بهذه الرسائل ولديهم الكمّ الهائل من الوقت لإضاعاته سدى!

غاية المرام لولا السلبيّات، مثل الإزعاج والتوقيت الخاطئ، بعض ما يرسل فيه فائدة؛ مقاطع جيّدة، عناوين محاضرات، مقالات ممتازة وغير ذلك مثل أخبار المجتمع! مع الإعتذار لكلّ مجموعة خالصة من هذه الشوائب، وهي مجموعة ما زلتُ أبحث عنها ولم أجدها!

بحسب الأطبّاء عندما لا ننام، فإننا نحفر قبورنا بأيدينا؛ حدّة مزاج، قلق، اضطراب، كآبة، كل ذلك يصيبنا عندما لا ننام نومًا طبيعيًّا! فإذا كان من سهر وقلة نوم فليكن في عبادة واستثمار كما قال الإمام عليّ : ”السهر روضة المشتاقين“ وإلا ففي النوم العافية والهدوء والنشاط.

للنبي محمد ﷺ وعلي أقوال بديعة في سهر الليل ومن المؤكد أنهما كانا يسهران فيما يستحق:

عن النبي: من خافَ أدلج، ومن أدلجَ بلغ المنزل، ألا إن سلعةَ الله غالية، ألا إن سلعةَ الله الجنّة.

من كلام علي: طوبى لنفسٍ أدّت إلى ربها فرضها، وعركت بجنبها بؤسها، وهجرت في الليلِ غمضها، حتى إذا غلبَ الكرى عليها افترشت أرضها، وتوسدت كفها، في معشرٍ أسهر عيونهم خوفُ معادهم، وتجافت عن مضاجعهم جنوبهم، وهمهمت بذكر ربهم شفاههم، وتقشعت بطول استغفارهم ذنوبهم، أولئك حزب الله، ألا إن حزبَ الله هم المفلحون.

مستشار أعلى هندسة بترول