آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 1:42 ص

هروب الخادمة!!

وسيمة عبيدي * صحيفة اليوم

كانت للخادمة غرفتها وحمَّامها الخاص، وقد رحَّبت بها الأسرة وعامَلتها كفردٍ من أفراد العائلة. كانت صغيرة السن ضخمة الجسد، تتصنّع المرض كلما طُلب منها القيام بأي شيء وتحب النوم لدرجة أنها لم تكن تمانع النوم طوال اليوم. كانت مهملة جدًّا، تنسى الملاعق داخل خلاط العصير، والطعام على النار حتى يحترق، أو تسخنه في المايكرويف في أطباق من المعدن!!

كانت في الحقيقة كأنها آلة بشرية مدمرة. خلال الشهر الأول فقط، كسرت العاملة الكثير من أثاث المنزل والتحف، حطمت عددًا ليس بقليل من الآنية، وخرَّبت العديد من الأجهزة الكهربائية. حاولت صديقتي التواصل مع المكتب وإخباره بأن العاملة مستهترة جدًّا، ووجودها خطر على حياة الأسرة، إضافة لإهمالها الشديد، وعدم رغبتها في التعلم، لكن بلا جدوى.

وكان رد المكتب واضحًا وفي منتهى الثقة أن المكتب لن يستلم الخادمة إلا في حالتَين فقط: إذا رفضت العمل أو كانت غير لائقة صحيًّا للعمل، ولن يستلمها فقط لعدم صحة معلومات السيرة الذاتية!

كانت صديقتي قد سمحت للخادمة باستخدام إنترنت البيت المفتوح لتستطيع التواصل مع أهلها وأصحابها، ولتستطيع صديقتي التواصل معها أيضًا عندما تكون خارج المنزل، ونتيجة لذلك كانت الخادمة تقضي ساعات طويلة إما في أن تحدّث أصدقاءها أو تشاهد الفيلم تلو الآخر.

صبرت صديقتي على الخادمة وخطورتها، واستمرت في محاولة تعليمها على أمل أن تتعلم القيام بالحد الأدنى من الأعمال المنزلية، لكن يقول المَثل المشهور: «رضينا بالهمّ والهمّ مش راضي بينا».

بعد ثلاثة أشهر بالضبط، هربت الخادمة! ولأن المكتب مسؤول عن الخادمة مدة 90 يومًا فقط من أول يوم يستلمها كفيلها، ولأنه لا قانون يحمي المواطن السعودي بهذا الخصوص، وكل ما يحدث بعد هروبها، هو الإمساك بها، ثم إجبارها على دفع تذكرة الطيران للعودة إلى بلادها بسلام، ودائمًا ما ينتهي الأمر بدفع الكفيل التذكرة؛ لأن العاملة حوّلت رواتبها لبلدها أولًا بأول، ولا تملك المال لتدفع تذكرتها، وليتكبَّد المواطن السعودي المسكين كل الخسائر من رسوم فيزا ومبالغ الاستقدام الخيالية ورواتبها كاملة، على الرغم من عدم استحقاقها لها في الكثير من الأحيان، إلى تذكرة عودتها لوطنها.

دائمًا ما تتكرر هذه المأساة، لدرجة أن بعض مكاتب الاستقدام أصبحت تشجع العاملات على الهرب بعد ال90 يومًا وليس قبلها.

ينص نظام العمل السعودي على أن لمقدم طلب الاستقدام الحق في تجربة العامل المنزلي لمدة 3 أشهر يكون خلالها المكتب ملزمًا بتغيير العاملة أو إعادة رسوم الاستقدام لمُقدِّم الطلب في الحالات التالية: إذا كان العامل غير لائق طبيًّا، ثبوت عدم صحة تقارير الفحوصات الطبية والأمنية، أو عدم وجود الخبرة المطلوبة، أو في حال رفض العامل العمل أو عدم التزامه بتنفيذ المهام وفقًا للعقد المبرَم. ونكرر، عدم التزام العامل بتنفيذ المهام وفقًا للعقد المبرم!

... يتبع