شجرة في غير بيئتها مثل الزواج من أجنبيّة!
زرعتها قبل خمس سنوات في طول نصف متر، شجرة سدر بلدي، ثم صارت أمتارًا في العلو، ولا يستطيع رجل أن يحوشها بيديه. إذا انتهى موسم العطاء في شهر آذار/مارس من كلّ سنة نقطعها في طول مترٍ واحد - تقريبا - وبعد أشهر قليلة تعود كما كانت، ستة أمتار في السماء وأعلى! هذه شجرة سدر عرفت البيئة واعتادت عليها وأصناف عديدة من السدر الهجين حلو ثمرها لكنها ضعيفة وتنكسر بسرعة.
هل نستطيع أن نقول الشجرة في غير بيئتها مثل المرأة - الزوجة - من الخارج؟ الزواج بحدّ ذاته نقلة من بيئة إلى أخرى إذا كان في نفس البلد وتحتاج أن تعتاد المرأةُ على البيت الجديد، كيف إذن إذا كانت الزوجة أجنبية؟ البيئة والتقاليد وربما الديانة مختلفة عما اعتادته؟ تجارب النّاس نجاحًا وفشلًا تنوعت وتجارب أصدقائي في الزواج من غربيّات أغلبها لم يعمّر طويلا؛ البعض منهم طلّق بعد عشرات السنين!
بالطبع هذا رأي شخصيّ يستصحب في طيّاته تجربة شخصيّة منذ أن كنا طلابًا في أوائل الثمانينات، في الخارج، البعض تزوج من أجنبيات آنذاك. قد يكون لدى القارئ الكريم أو القارئَة الكريمة تجربة أوسع، وأبقى متمسكًا بأن الزواج من شرقيّة من بلدي أقرب للنجاح من الزواج من امرأة من بيئةٍ لو فكرنا لوجدنا عقليتها وروحها قد تختلف تمامًا عن عقليّة وروح ابنة البلد.
بالتجربة العملية فَشِلَ - أو يفشل - كثير من الزواجات من أجانب وإن نجح البعض؛ يفشل بسبب التناقض في العادات والتقاليد والديانات والخلفيّات الثقافية والتربوية وما نجح ممن أعرفهم نجح بتضحيات متبادلة من الزوج والزوجة والأبناء. فإذا ظنّ الشبّان والشابات الذين يغتربون من أجل الدراسة والعمل أو الذين يبحثون عن علاقات مستديمة عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ أن الزواج من أجنبيّة أو أجنبيّ ناجح، عليهم أن يفكروا مرتين وثلاث مرات! ربما يكون فعلًا زواجًا ناجحًا لمدة قصيرة، لكنه في ذات الوقت قد يحمل بذور فشله وإن بعد حين!
”س، ص، ع“ كلهم استقالوا من زواجهم من أجنبيات وبعدها تزوجوا من زوجات من بلدهم، بينما ”ح“ نجح زواجه واستدَام! الإحصائيات التي أعرفها، وهي ليست بالضرورة علميّة، ليست في جانب النجاح. بعد سنوات من الزواج دام عشرات السنين وتكوين أسرة هناك من انفصل عن زوجته! وذلك الفشل انعكس بالطبع على حياة ومستقبل الأولاد والبنات.
اختيار الزوجة أكبر قرار يتّخذه الشابّ في حياته وكذلك الزوج بالنسبة للشابّة. القرار وإن كان فيه شكل ومظهر وإعجاب، إلا أنه يكون حاكمًا على كل القرارات في مستقبل حياتهم، لذلك سموا قرار الزواج باختيار ”شريك العمر“!