آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 5:50 م

لمن يأبون الفرح في مناسبات الفرح!

الدنيا يوم طويل! خذ منه ثلاث وعشرون ساعة فيها ولادة وطفولة ومراهقة وعمل وشقاء ومراجعة مستشفيات وموت، ثم يبقى منه بعد ذلك ساعة واحدة. تسعة وخمسون دقيقة تعب ومشاكل، ويبقى من الساعة دقيقة واحدة فرح مخلوط! مع ذلك إذا حصلت هذه الدقيقة فإن بعضنا يغرق في الحزن، وعلى الخصوص النساء! يلبسن السواد مددًا طويلة؛ أخي مات منذ عدة أشهر رحمه الله تعالى، جدّي أو جدّتي أو أمّي أو.. طلبه الله إلى حضيرةِ كرامته ولازم ذلك ألبس السوادَ حولًا كاملاً، لا أحضر عرسًا أو فرحًا! ولو سألت أحدًا من المتوفين: يا أخي أو يا أميّ، تسمحي لي أن أفرح في هذه المناسبة؟ يا ”ستّي“، هل يزعجك أن أبتهج في هذه المناسبة؟ كلهم يكون جوابهم: ما هذا السؤال؟ كيف لا؟ ولم لا؟

فرق بين الفرح والشماتة! الفرح حالة إنسانيّة تفرضها الظروف والمناسبات والشماتة حالة شيطانيّة يفرضها النّكد والتشفي والاغتباط ببلية الآخرين، وفي الدنيا مواعيد أكبر من الهمّ مثل الأعياد وغير ذلك من المناسبات مما تعارف عليها المجتمع وتَسالم بأنها مناسبة فرح، لا حزن فيه! تفرض بعض البلدان والمجتمعات والديانات قواعد اجتماعيّة صارمة وقيودًا على المرأة في حال موت زوجها، أما في المجتمعات والبلدان الإسلاميّة فليس فيها واجبًا إلا أشياء معدودة ومعقولة فرضها الله سبحانه وتعالى!

الفرح حالة تطلبها النفس ويحث عليها الدين والعقل والله يوصي على لسان رسوله ﷺ والأوصياء أن نعمل على إدخال الفرح والبهجة إلى قلوب كافة الناس، كيف إذن نضع على عواطفنا أقفالًا عن الفرح ونلبس السواد مدة طويلة؟َ أذكر شاهدين والشواهد كثيرة:

الأول: عن رسول الله ﷺ: ”من أدخلَ على مؤمنٍ فرحًا فقد أدخلَ عليّ فرحًا، ومن أدخل عليّ فرحًا فقد اتخذ عند الله عهدًا، ومن اتخذ عند الله عهدًا جاء من الآمنين يوم القيامة“.

الثاني: عنه : ”إذا بعث الله المؤمنَ من قبره خرج معه مثال يَقدم أمامه، كلما رأى المؤمنُ هولًا من أهوال يوم القيامة قال له المثال: لا تفزع ولا تحزن... فيقول له المؤمن... من أنت؟ فيقول: أنا السرور الذي كنت أدخلتَ على أخيك المؤمن“.

باختصار شديد؛ الفقد صعب، إنما لكلّ حزنٍ مدة، والفرح وإن قلت لحظاته لا بد أن يولد سريعًا من رحم الحزن. عندما يموت زوج أو أخ أو غير ذلك لا تبقى ذكراه صورة على حائط وينمحي ذكره، إنما تبقى صورته ورسمه في القلب:

ولولا كثرةُ الباكينَ حولي ** على إخوانهم لقتلتُ نفسي

وما يبكونَ مثلَ أخي ولكن ** أعزّي النفسَ عنه بالتأسِّي

مستشار أعلى هندسة بترول