اعتنوا في أولادكم وبناتكم.. ضيوف عليكم!
في كلّ يوم، نحو الساعة السادسة والنصف مساءً، بالكاد جلسنا للعشاء، ينطّ أحمد يحمل كرةً في يده وفاطمة تَحمل لعبة، أحفاد في الخامسة والثالثة من العمر. هما لا يجلسان طويلًا قبل أن يعودا إلى بيتهما المجاور لبيتنا، وكأنهما يذكرانَا - أنا وجدتهما - بأنهما ضيفان والضيوف مهما طال المقامُ بهم يرحلون! إذا غابا يومًا سألنا: ما جاءَ أحمد؟َ! ما جاءت فاطمة؟!
اعتنوا بهؤلاء الضيوف! يكبرون وتبعد المسافات ثم ترونهم مرات محسوبة على الأصابع في السنة، يشتاقون لكم وتشتاقون لهم ولكلٍّ حياته ويومياته! البنت تكبر وتتزوج وتلحق بزوجها ووظيفتها والإبن يكبر ثم يكون له وظيفة وزوجة وعمل وأولاد. حتى هؤلاء الاثنين، أحمد وفاطمة، سوف تتوقف عادة زيارتهما لنا كلّ يوم، يكبران وينشغلان عنّا بالدراسة والوظيفة!
عيشوا مع هؤلاء الضيوف أحلى ساعاتكم وأيامكم! يكبرون ويَطيرون وتبقون لوحدكم تسألون: ما هذه الحياة؟ لماذا هي فارغة؟ أنا لم أر أيًّا من أجدادي، وأظنّ أن الكثير من أبناء جيلي لم يشهدوا وجود أجدادهم في حياتهم، بينما من محاسن هذه الفترة الزمنية أن امتد العمر بالأجداد وصاروا يرون أحفادهم وحتى ما بعد أحفادهم! كذلك ساعدت التقنيات الحديثة على التواصل معهم.
المال ثمّ هؤلاء البراعم والزهور، زينة الحياة الدنيا وزخرفها وما عند الله خير وأبقى. زينة وجمال ومنهم من يكون أعداء لا منفعة منهم كما المال! وإن كان واجبًا في كلّ زمان حماية هذه الزينة من العطب والضرر فإن هذا الزمان يفرض حماية أشد؛ زماننا مرعب حقًّا! يحتاج إلى تواصل ودخول إلى عقول الأبناء والبنات ومعرفة في ماذا يفكرون؟ علاقات غير سوية، انتحار، مخدرات، حوادث! كل ذلك يحتاج منا إلى استكشاف ما يدور في تلكم العقول الناشئة!
الدين أولًا والأخلاق ثانيًا والتعليم ثالثًا وأينما حلوا أو ارتحلوا يحل معهم الدعاء: عن الإمام الصادق : ”ثلاث دعوات لا يحجبن عن الله تعالى: دعاء الوالد لولده إذا بره، ودعوته عليه إذا عقه، ودعاء المظلوم على ظَالم، ودعاؤه لمن انتصر له منه، ورجل مؤمن دعا لأخ له مؤمن واساه فينا، ودعاؤه عليه إذا لم يواسه مع القدرة عليه واضطرار أخيه إليه“.
سبحانك يا رب! نموت شوقًا وسعادة بهذه الفتنة؛ المال والبنون، فإن أعطينا منها بكينا وإن حرمنا منها بكينا! يقول أمير المؤمنين في رواية عنه: ”لا يقولن أحدكم: اللهم إني أعوذ بك من الفتنة لأنه ليس أحد إلا وهو مشتمل على فتنة، ولكن من استعاذ فليستعذ من مضلّات الفتن فإن الله سبحانه يقول: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾.