آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 8:37 م

إظهار نعمة أم بطر؟!

ساعة بعشرات الآلاف أو مئات الآلاف وساعة بعشراتِ الريالات، كلاهما يخبر الوقت وقد تكون الساعة ذات العشرة ريالات أدقّ في الوقت ولا يطمع في سرقتها أحد، لذلك تستطيع أن تلبسها في السفر وفي الرياضة ولا احد يسرقها!

سيارة بالملايين وسيارة بمائة ألف، كلاهما جميلة وتنقلك بأمان من النقطة ”ألف“ إلى النقطة ”باء“ وإذا حصلت مشكلة مع الثانية؛ حادث أو عطل، تأخذها إلى أقرب محل إصلاح وتنتهي الحكاية. أما الأولى فقد يطول إصلاحها في المدة ويكلف كثيرًا! بعض أنواع السكن والملابس والمجوهرات وغير ذلك مما لا يحصى نستطيع وضعه في أي كفة من الكفتين نرغب!

رأيك يختلف عن رأيي فيما هو إظهار نعمة ودلالة على الرقيّ والقيمة، وفيما هو بطر وزهو وفي اللغة الدارجة ”فشخرة“! لكن أظننا نتفق أن أغلى قيمة هي قيمة الإنسان فلا تجب أن تكون الساعة ولا السيارة ولا الدار ولا اللباس أرقى من صاحبها! وما تحت الساعة واللباس هو الذي يكون فيه قيمة عليا وراقية. أمثلة قليلة قد توضح القصد:

وَعِبَادُ الرَّحْمَ?نِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا!

سواء لبس ساعة بعشرة أم بمليون، سوف تعرف من يتكبر ومن هو مغرور لأن مشية الإنسان تظهر كثيرًا من جوانب شخصيته. يعرف الإنسان المتكبر من الإنسان الراسي مثل الجبل من المشي:

وَمَهما تَكُن عِندَ اِمرِئٍ مِن خَليقَةٍ ** وَإِن خالَها تَخفى عَلى الناسِ تُعلَمِ

”ليس البر في حسن اللباس والزي، ولكن البر في السكينة والوقار“! رجل أو امرأة يزين اللباس وغيره يزينه اللباس. ومن الصنف الأول كان الإمام عليّ بن أبي طالب يزين اللباس وقيل عنه أنه كان ليشتري القميصَ السنبلاني، ثم يخير غلامه خيرهما ثم يلبس الباقي. مهما لبس علي من أقمصة زهيدة الثمن فلا ينقص من قيمته!

الخلاصة التي يمكن أن نتفق عليها هي قبل أن أركّب على ظهري ديونًا من أجل أن أشتري ”الفشخرة“ وأكون مرهونًا لها هناك أشياء دون ثمن تضيف لي قيمة! ما قيمة الساعة وأنا لا أحافظ على الوقت؟ ما قيمة السيّارة وأنا لا ألتزم بالقانون والنظام العام؟! ما قيمة الملابس وأنا عارٍ من القيم الأخلاقية؟!

”قدر كل امرئ ما يحسن“! هكذا كان الإمام علي ، يصنف قيمة الإنسان بما يحسنه لا بما يملكه. سيارتي وساعتي ولباسي وحذائي ليس أنا وليست جزءًا مني؛ على أنه يجدر بنا أن تعترف أن اللباس الجميل والمسكن المريح والسيارة الفاخرة فيها مزايا رائعة وتستحق الإقتناء لمن يستطيع شراءها بعد أن يعتني بما هو أهمّ منها!

مستشار أعلى هندسة بترول