عندما يسبق حكم القلبِ العقل.. هل يكون الحكم عادلًا؟!
لا تحكم على الطريق من أوّل ميل ولا على الصديق من أول لقاء! في جلسة أصدقاء، تتنوع الآراء؛ منها الجيّد ومنها الرائع ومنها ما لا يصلح. ثم يأتي رأي فلان، رأيه جيّد في نظر الحضور إلا في نظر واحد من الحاضرين! هذا الواحد لا يعجبه فلان وبالتالي لا تعجبه السالفة!
يعرّف القاموس كلمة رأي مسبق بالتالي:
فكرة تسبق المعرفة الحقيقية لشيء ما أو شخصٍ ما وغالبًا ما تكون فكرة سلبية وتكون إما عن جهل وإما عن عداء. ومن الآراء المسبقة تلك التي تكون بخصوص فئة عرقيّة معينة.
رأي مسبق عن فلان، يعني أنني بنيتُ بيني وبينه سدًّا وحاجزًا، عندي عن فئة من النّاس فكرة مسبقة - سلبيّة - يعني أنني بنيت بيني وبينهم ردمًا! هذه السدود والردوم إذا لم تُهدم سجنت صاحبها قبل أن تسجن الآخر! وإن كانت التجارب لا تعمّم، كم من شخصٍ التقيت به وفي أول لقاء قلتُ في نفسي: يا ستَّار! لا يبدو أن علاقة جيدة سوف تكون مع هذا الشخص! ثم إذا به من أعزّ وأنبل الأصدقاء. وكم مرة أخطأ حدسي حين ظننت أن العلاقة سوف تكون مستدامة وجميلة، فإذا بها عكس ما ظننت!
يتعاظم الخطأ عندما يكون الحكم على جماعة أو صنفٍ من البشر ونقول ”كلهم“، ما يسمى في علم النفس الاجتماعي، بالصورة النمطية، وهي اعتقاد عام حول فئةٍ معينة من النّاس أو توقع قد يكون لدى البعض حول ”كلّ“ شخص في مجموعة معينة. يمكن أن يختلف نوع التوقع؛ كأن يكون حول شخصية المجموعة أو معتقداتها أو مظهرها أو قدرتها. وعادة ما تكون القوالب النمطية مفرطة التعميم وغير دقيقة ومقاومة للمعلومات الجديدة، وقد تكون دقيقة في بعض الأحيان.
خلق فكرة يحتاج إلى أيّام! اقرأ بنفسك وتاكد، لا تعتمد على قول فلان وعلّان! ما أكثر الخطأ والغش فيما يُكتب وفيما ينقله الرواة ومنذ القديم قال الشاعر:
يا ابن الكرام ألا تدنو فتبصر ما * قد حدثوكَ فما راءٍ كمن سمعا؟
الحكم المسبق مثل رمية سهمٍ في الظلام، نسبة الإصابة واردة لكن نسبة الخطأ أكبر، وتبقى الحقيقة الكاملة معلقة إلى حين ينقشع ظلام العاطفة الذي يغطي على نور العقل. مثل ذلك مثل الكتاب، وإن كان العنوان أحيانًا يوحي بمحتوى الكتاب ولكن ليس بالضرورة!
من حكم الإمام علي قوله: ”لا تنظر إلى من قالَ وانظر إلى ما قال“. يعنى لا تضع بينك وبين أحدٍ حاجزًا مسبق البنيان يمنعك من الاستفادة والمنفعة.