آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 10:22 م

مزاجك والتقلبات الحياتية

ياسين آل خليل

كيف كان يومك، لا تقل أنك قد عشت يومًا سيئًا للغاية. أنا لا أكاد أصدق أن تَنَقُلك من منزلك إلى موقع عَمَلك، كان كغيره، يومًا مقززًا محموما بالإسْتفزازات المرورية التي لا نهاية لها..! طيب، دعنا من الشارع وما فيه من تجاوزات ومضايقات، وحدثني عن وقتك داخل العمل، كيف كان استقبال رئيسك لك هذا الصباح، هل كان مُهللًا ومُرحبًا، وهل كان على غير عادته المثيرة للإشمئزاز..؟ هل ما زلت تتأثر بجميع الأحداث في الشارع والعمل والمنزل، أو أنك قد استيقظت بعد أن أدركت ان كل هذه الأحداث هي ببساطة أحداثًا خارجية تحدث لأي شخص ويجب ألا يكون لها من التأثير ما يربك مشاعرك وحالتك الذهنية.

الرسالة التي يجب ان نَعِيها هنا هي، أنه لا يمكننا بأي حال التحكم في عالمنا الخارجي كونه ابعد ما يكون عن سيطرتنا، كل ما نمتلكه هو التحكم في أنفسنا. أنت لا يمكنك السيطرة على ذلك السائق المتهور في الشارع كما أنك لا تمتلك القدرة على التحكم في تصرفات رئيسك الأرعن أو جارك سيئ الخلق. من الأخير، اعلم أنه ليس بمقدورك أن تجعل الناس نُسَخًا متشابهة توائم مزاجك العام..!

من منا لا يسعى ان تكون له مكانة اجتماعية أو ان يكون من بين أثرياء الناس وأكثرهم تأثيرا. جميعنا نتوق لأن نكون أصحاء خالين من الأمراض والآلام لكن الامنيات لا تأتي دائما كما نتصورها أو نخطط لها. على كثرة ما نسمع عن الموت وكيف أنه لا يفرق بين الشِيْب والشباب وبين الأصحاء والمرضى، الا ان رعب الموت يسكننا وكأنه شيء لم يكن موجودًا من قبل.!

جميعنا قلقون من أن يطرق الموت بيوتنا ويختطف أحدًا منا، دون ان نفكر للحظة ان الموت قديم كقدم البشرية. علينا ان نتعامل مع الموت على أنه حقيقة حتمية وأنه الكأس الذي يشرب منه الجميع دون استثناء وإن اختلف التوقيت. الحقيقة المرة، انك إذا ما نظرت إلى الموت على أنه ذلك البعبع الذي يلاحقك في كل مكان وزمان، فإنك ستعيش في قلق دائم لا نهاية له.

من خلال إرادتك الصلبة وانضباطك وسيطرتك على ذاتك، يمكنك زراعة الهدوء بداخلك وفي حياتك. أين ما ذهبت سيبقى هناك دائمًا اشخاصا لا يحملون نفس الجينات التي تحملها، فمن الطبيعي أن يكونوا مختلفين عنك قلبًا وقالبا. هذه المرة، يجب ألا تدع أفعالهم وآرائهم تُملي عليك حالتك الداخلية. مشاعرك وانفعالاتك هي مُلكيتك الخاصة، لا تدع أحدًا من الخارج يعبث بها. راقبها وتحكم بها واستثمرها في أشياء قَيّمة ومُفيدة تعود عليك بالرضا والنفع والسلام الداخلي.

بدلاً من التعرف على العالم عن بُعد، أو أن تعتمد على تعليمك الأكاديمي لترصد ما يجري حولك، اقترب من الطبيعة أكثر وتفاعل معها إيجابيًا لتعيش حياة طيبة متوازنة. المعرفة الأكاديمية مهمة ومطلوبة، شرط ألا تمنعك من رؤية الواقع الحياتي كما هو. من الآن، خذ نَفَسًا عميقا واخطو خطواتك القادمة وفقًا لما تمليه عليك مُثُلُكَ العُليا، لا كما تهوا نفسك. مع مرور الوقت ستكتشف أن تلك العادات الجديدة، بدأت تَرْسَخ بداخلك وتنعكس ايجابا على تصرفاتك وأن الحياة صار لها طعمًا ومذاقا آخر. قد لا يكون الأمرُ سهلًا في بدايتة، إلا أنه الطريق الأمثل نحو حياة يسودها الهدوء وتغمرها السعادة.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
عبدالله سعيد
[ القطيف ]: 18 / 2 / 2023م - 4:03 ص
مقالة رائعة ومشجعة