من صور الهمزة المتوسطة
القول في رسم «أفْعَلَ» من «أ/م/ن» الذي اسم الفاعل منه «مؤمن» ورسم المضارع منه المسند إلىٰ ضمير المتكلم المستتر المفرد ورسمهما إذا سُبِقَا بهمزة الاستفهام
1 - رسم أفْعَل
الأصل في «أفْعَلَ» من «أ/م/ن»: أأْمَنَ، ولما توالت همزتان - وهو مما يستكره - قلبت الثانية منهما مدًّا من جنس حركة الهمزة الأولىٰ «وهو الألف»، فقيل ورُسِمَ: أامَنَ.
2 - لما توالىٰ رسما الألف في «أامن» وهو مستكره في الخط العربي، كان في رسم «أامن» مذهبان:
أ - حذف رسم الألف الأول وإسقاطه، وإلقاء رسم الهمزة على السطر ونحوه، فيرسم هٰكذا: ءامَنَ.
وهٰذا رسم المتقدمين، وعليه رسم المصحف، ولا يزال بعض يكتب به، ولا سبيل إلىٰ تخطئتهم؛ بل إن تغليطهم تحكم محض لا مبرر له.
ب - مذهب المعاصرين، وهو تصوير صوت «أا/ءا» ورسمه هٰكذا: آ.. فهم يرسمون الكلمة السابقة ويصورونها: آمَنَ.
وصورة المد التي علىٰ رسم الألف من «آمن» لا تأتي في أول الكلمة المرسومة عند المتقدمين؛ وإنما هي علامة على المد الزائد، ولا يرسم فوق رسم الألف فحسب؛ بل يرسم على الواو والياء أيضًا [تأمل الكلمات التالية في المصحف: الضالين - سوء - النسيء - شفعاء - ءآلله -...].
وقد نبهت علىٰ رسم القدماء لمثل كلمة «الفيروزآبادي» وأن لا همز فيها، وأنها تنطق: الفيروزابادي، بألف بعد الزاي، دون توسط همزة بينهما. ولو همز القدماء مثل «الفيروزابادي» لرسموه هٰكذا: الفيروزءابادي.
3 - إذا استفهمتَ بالهمزة، كتبت ورسمت بإحدىٰ صورتين:
أ - أءامن...؟ ووهو مذهب المتقدمين.
ب - أآمن...؟ وهو مذهب المتأخرين.
4 - الأصل في «أُفْعِلُ» الذي فاعله «أنا» من «أ/م/ن»: أُؤْمِنُ، فتوالت همزتان - وهو مما يستثقل كما تقدم - أبدلت من الهمزة الثانية واو، وهو المد الذي يجانس ويناسب حركة الهمزة الأولىٰ، فقيل ورُسِم وصًوِّر: أُومِن.
وأهل القطيف وبعض العرب يلينون واو «أومِن»، فكأنهم ينطقون واوًا من مثل «مَوْعِد»، فضبطها بعضهم برسم السكون، فرسموا «أُوْمِنُ»، وهو خطأ شائع وقع فيه كبار.
الواو والياء إن كانا مدًّا ولم يكونا لينًا، لم يضبطا برسم السكون؛ فإن كانا من اللين، ضبطا به.
ويعرف كونهما لينًا بألا تكون حركة الحرف الذي يسبق الواو مناسبًا للواو، ومن جنسه - وهو الضمة - بأن تكون فتحةً، نحو: خَوْف...
... وأن تسبق الياءَ فتحة - فهي ليست مناسبةً للياء - فتكون لينًا، فتضبط برسم السكون، نحو: شَيْء.
وسبب إلانة الواو أنهم لا يخلصون الضم، وينحون به نحو الكسر، فيقولون في «مُوقِن»: مُوْقِن، وكأنهم قالوا: مِوْقِن، فلذٰلك رسموه رسم اللين.
وأما الياء، فلحقت الواو عندهم، فرسموها رسم اللين.
ومما أوقعهم في هٰذا أن كثيرًا منهم قرأوا القرآن، ودرسوه في مصاحف طبعت في الهند وغيرها من بلاد العجم، وكانوا يضبطون كل واو وياء بسكون مستدير أخذناه منهم في كتاباتنا، وجعلناه علامة على السكون، ورسمًا وصورة.
وإنما ضبطوا الواو والياء برسم السكون المستدير؛ ليفهموا العجم أن تينك واو وياء، لا غيرهما من الأحرف التي تلتبس بهما، فهو شكل لإزالة اللبس، وتسريع الإفهام، والعربي ليس بحاجة إليه.
5 - إذا استفهمت فأتيت بهمزة الاستفهام قبل «أُومن»، فراعِ ما يلي:
أ - تعرف الكلمة الإملائية بأنها: مجموعة من الأحرف أو الحروف متصل بعضها ببعض، وتقع بين فراغين، وقد تكون كلمة واحدة صرفية أو أكثر، أو كلمة واحدة نحوية أو أكثر.
ومن هنا، كانت كلمة «إلىٰ» و«إلهام» و«أُلقي» إذا سبقت بهمزة الاستفهام كل منها مع الهمزة كلمة واحدة، فكان في الرسم مذهبان:
1 - أن تعد همزات الكلمات السابقة بعد دخول الاستفهام كل منها كلمة واحدة هي والهمزة، وتصير همزاتها متوسطة، لا ابتدائية فكتب أصحاب هٰذا المذهب:
- «أئلى» القطيف تمضي؟
- القول في اللغة «أئلهام» هي وتوقيف أم تواضع واصطلاح أم محاكاة أم تلفيق؟!
- «أؤلقيَ» بالورق في البحر؟
2 - أن تعد كل كلمة مع همزة الاستفهام كلمة واحدة؛ ولٰكن الهمزة لا تؤثر في ابتدائية تلك الهمزات؛ بل تعامل معاملة «أل» التي تبقىٰ الهمزات بعدها ابتدائية، فكتب أصحاب هٰذا المذهب:
- «أإلى» القطيف...؟
-... «أإلهام» هي...؟!
- «أأُلقيَ»...؟
إذا عرفت هٰذا كله، فاعلم أن:
1 - أصحاب المذهب الأول لهم أن يكتبوا:
أ - أؤُومن...؟!
ب - ثم لهم أن يفروا من توالي رسمي الواوين، فيسقطوا الواو الأولىٰ، ويلقوا الهمزة على السطر ونحوه، فيرسموا: أءومن...؟!
ج - أن يلجئهم توالي الواوين واستكراهه، إلىٰ مذهب الإلصاق «إلصاق همزة الاستفهام» ب «أومن»؛ فإن توالي المثلين واقع بكلا الرسمين، فلا بأس بالإلصاق، وهو المذهب الثاني، وهو المختار.
وليس للعراقيين في مثل هٰذا أن يعملوا مذهبهم عند توالي المثلين؛ فإنهم إن أعملوه، حذفوا الواو الثانية، فرسموا «أؤمن...؟»، فالتبس بكلمة أخرىٰ، وهي المبني للمجهول من «أمن»، وهو: أُمِنَ، ثم استفهموا فرسموا: أؤمِنَ، وفي ذٰلك وقوع في اللبس.
2 - أصحاب المذهب الثاني - وهو مذهب الإلصاق الذي لجأ إليه أصحاب المذهب الأول في إحدى الصور - وفيه أمن من اللبس، واتفق أصحاب المذهبين علىٰ صحته، ومن هنا رجَّحته واخترته.
والحاصل:
نكتب:
1 - أءامن؟!
2 - أآمن؟!
3 - أأومن، على المختار، مع تصحيح غيره، إلا أنه الراجح؛ بل الأرجح.