متاهات التفكير
قد يدعي معظمنا درايته، التي لا تقبل الخطأ، بمفهوم التفكير المفرط، لكن في أغلب الظن كثيرا منا يسيء هذا الفهم. التفكير المفرط قد لا يعني بالضرورة كثرة التفكير، بقدر ما يكون الإنسان عالقًا في حلقة مقفلة من التفكير الغير مُجدي.
الإمعان في التفكير هو كما الضياع في متاهة. كلما خَرجت من حلقة، كلما وَجَدت نفسك في حلقات مُبهمة وطرق مسدودة جديدة. للأسف يصر البعض على البقاء في تلك المتاهات إلى ما لا نهاية، بل يصر على وضعها تحت المجهر لمزيد من التشريح والتَحليل. هذا بطبيعته له ما له من عواقب سلبية وخيمة على عقل الفرد وجسده، علاوة على ما ينتابه من توتر وإرهاق، قد ينتهي به إلى تدمير حياته ومنها إلى تقويض علاقاته الأسرية والمجتمعية على حد سواء.
الإمعان في التفكير حقيقة حياتية مُحزنة، لا يمكن التستر عليها أو إنكارها، لكنها ليست بذلك الشيء الذي يتعذر إصلاحه. هذا النوع من التفكير هو عادة سلبية لا يختلف عليها اثنان، لكن يمكن تَحَديها والتخلص من آثارها، بِخلق أجواء ايجابية يعزز فيها الإنسان ثقته بنفسه لإيصالها إلى الهدوء الذهني والسلام الداخلي الذي بات سلعة نادرة.
ابذل ما أمكنك من جهد للحد من الاتصال بالنّكديين من حولك، أو أن تجد سبيلًا تدير فيه تفاعلاتك معهم، إذا تعذر تفاديهم بالمطلق. أنت لست مضطرًا للبقاء في أجواء استفزازية ومُحفزة للإثارة. دائما وأبدًا يمكنك العثور على أماكن أكثر هدوءًا، تحترم فيها ذاتك ورغباتك ومنها تضع فيها حدًا لتلك المواقف النشاز.
انت لا يمكنك بأي حال، التحكم في العالم الخارجي بالكامل. من هذا المنطلق، اعمل على قبول ما لا يمكنك تغييره، لَعَلّك بهذه الطريقة، تتمكن من تقدير اللحظة والاستمتاع بها دون الشعور بقيد من هُنا أو كَبْتٍ من هُناك. من خلال تَقبلك للوضع الراهن، يُمكنك تجاوز مصاعبك والبدء في تغيير ردود أفعالك قبل تطورها ووصولها إلى مرحلة أصعب.
تتأثر نظرتك ومعتقداتك بكيفية إدرَاكك للعالم من حولك. كونك متفائلًا، هذا بدوره يسمح لك بمقاومة مخاوفك بفاعلية والتعامل معها بشكل أفضل. هذا لا يعني بالضرورة تجاهل أو تجنب الحقائق المؤلمة. هذا يعني الاقتراب منها ولو بمقدار بسيط، لكن بوعي وانتباه وشيء من التَكَيّف. هذا دون ادنى شك سَيجعلك شخصًا أكثر قوة في نهاية المطاف.
تذكر أنه لا يمكنك تجنب جميع النبوءَات والتخمينات الحياتية السلبية، لكن يمكنك إدارتها بشكل أفضل من خلال تغيير منظورك للكثير منها. لذا فكر في مصادر الأشياء المسببة لتلك الأفْكار والسلوكيات واجتهد في تحسين ما أمكن، والتخلص نهائيا مما يستعصي عليك، دون اعطاء اهمية أو فرصة لأي منها في التغلغل في ذهنك.