آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 12:36 ص

تاريخ إسم

زكي بن علوي الشاعر

هتف بي كبيرنا: الأستاذ سعيد بن الحاج أحمد بزرون، بعد أن قرأ لي في «صحيفة جهات»، وسألني: ما اسم أبيك؟ فقلت: اسم أبي في الوثائق الرسمية: سعيد؛ ولٰكن اسمه منذ ولد حتىٰ نال شهادة الخامس الابتدائي «علوي».

إن جدتي لأبي: نجيبة «أم علوي» بنت السيد رضي بن السيد رضي المسحر كانت تدلل ابنها «علويًّا» وتناديه: أسعد! سعُّود! حتىٰ أطلقت عليه: السيد سعيد؛ ذٰلك أنها كانت معجبة بشخصية عمها «السيد أسعد بن السيد رضي»، ونشأ أبي - رحمه الله تعالىٰ! - طفلًا لا يميز بين ما هو رسمي وما ليس برسمي، وجدتي - رحمها الله! - كذٰلك، وإن كانت تجيد القراءة دون الكتابة، وهي في قراءة غير القرآن وكتب السير «من مواليد ووفيات...» ضعيفة، وجدي: السيد ناصر بن السيد ناصر بن السيد رضي لا يقرأ ولا يكتب، وهو أحرى الثلاثة ألا يميز بين الرسمي وغيره.

أدخل أبي إلى المدرسة الابتدائية، وسجل اسمه فيها هٰكذا: السيد سعيد بن السيد ناصر بن السيد ناصر الشاعر، دون الالتفات إلى اسمه المدون في «تبعية/تابعية» أبيه: السيد ناصر، وهو: علوي، ظانًّا أبي وجدي أن لا ضير؛ فالاسم لا يقدم ولا يؤخر، والمهم تعلم الكتابة التي حرم منها أبوه وأمه!!

ولم يكن عمر أبي سبعة أعوام عند التحاقه بمدرسة زين العابدين الابتدائية؛ بل كان عمره عشرة أعوام، وقد علمته أمه قراءة القرآن.

درس علوي/السيد سعيد، حتى اجتاز الصف الخامس ناجحًا... ولما كانت شهادة الصف السادس الابتدائي حينها شهادة مهمة يعلن أسماء الناجحين في الصحف والإذاعة/الرايدو/الراديو/الرادو والتلفزيون، والامتحانات وزارية موحدة في المملكة كلها، وكانت شهادة لها وزنها، وجب أن توثق أسماء الطلاب بالنظر والتدقيق في حفيظة النفوس/التبعية/التابعية.

وعندما أبلغ علوي/السيد سعيد أبويه أن المدرسة تريد إحضار «التابعية»، وكانت جدتي تحتفظ بها وبغيرها من الوثائق والأموال وكل مهم، في صندوقها «التجوري» الذي لا يعلم أحد غيرها أين مفتاحه؟ حرصًا علىٰ سرية الوثائق، وحفظًا لها من كل شيطان مارد، أخرجت جدتي الحفيظة، وقرأ أبي اسمه، وإذا هو «علوي»، واسمه يكتب في المدرسة «السيد سعيد» خمسة أعوام؛ مما أخاف جدي وجدتي وأبي أن يصدر في حقهم «جوكم»، أي عقوبة!!

هٰكذا كان فكر بعض تلك الأجيال السابقة... يخشون كل جهة حكومية... المدرسة، مكتب الأحوال المدنية، مركز الشرطة، المحكمة؛ هٰكذا كان فكر بعضهم، ونحن نروي الواقع، ولا نزيد أو ننقص، أو نبدل ونغير؛ إنه تاريخ يروىٰ كما هو، علىٰ أنهم كانوا واهمين.

تشاور الثلاثة - فيما بينهم - واستشاروا غيرهم ممن حولهم، حتى اهتدوا إلىٰ أن يبلغوا مكتب الأحوال المدنية/التوابع أن علويًّا مات، وأنهم لم يسجلوا السيد سعيدًا هٰذا في «التابعية»!!

وهٰكذا أميت «علوي»، وسجل «السيد سعيد»، ونقص من عمر علوي أربع سنوات!!

ومن الطريف أن جدتي وأبي - يرحمهما الله تعالىٰ! - كانا يشيعان بين الناس أن علويًّا مات، خوفًا من «الجوكم».

هٰذان خطآن في الوثائق الرسمية: خطأ في اسم أبي، وخطأ في عمره.

وثمة خطأ ثالث، وهو أننا لسنا آل الشاعر؛ إنما نحن آل «المسحر».

عندما دعت الحاجة إلىٰ إصدار تبعية/تابعية/حفيظة نفوس لكل مواطن، ذهب جدي «السيد ناصر» إلى «التوابع» في طريقه إلى الإبحار؛ فقد كان «نوخده/نوخذه»، وأوصى «الحاج حسنًا السنان» بأن يصدر له حفيظة، وكان يعرفه، وقال له: الله يرحم والديك؛ هدانا با دش البحر.. لا أطلع، الا تابعيتي بارزه!!

أبحر السيد ناصر، وشرع الحاج حسن/حجي حسن - رحمه الله - في إصدار «تابعية».. وكان يحفظ كل شيء ويعرف كل شيء يخص السيد ناصر، فكتب اسمه: السيد ناصر بن السيد ناصر بن السيد رضي... ثم توقف، وناجىٰ نفسه: ويش حمولتهم؟ لٰكن ابوه شاعر! فكتب «الشاعر» لقبًا له، فسار حتىٰ يومنا هٰذا!!

ومات أبي وهو يقول: الشاعر أحلىٰ من المسحر!! ولم يرض أن يعيد لقب المسحر، علىٰ أنها إجراءات حينها تطول، وأبي يكره كثيرًا المراجعة التي قد تطول... وثمة سبب آخر لا أود ذكره!!

ولم يكن السيد ناصر الأول شاعرًا؛ إنما كان يروي الأشعار الشعبية لغيره، وقد تكون له بعض النتف الشعبية؛ ولٰكن مثل هٰذا في محيطه الذي لم ينل حظه من العلم والأدب شاعر.

كان له نتف أنسيتُ أكثرها، كقوله:

للنسوان حنه في منازلهم

كمثل الزلزله؛ ألله يقاتلهم

...

وحده تگول...

ووحده تگول

ووحده تگول: والله؛ ما عليَّه فوب

وله:

أتىٰ موسىٰ، وگال: اليوم يومي

وعلوان البطل قرة عيوني

وخمصطعشر ألِف راحت سلومي

وأنت ترىٰ ما فيه من عيب في القافية.

وله أيضًا:

هَدا السنانير أتوا

وتشابگوا في اللجنه

باتوا بگايا ليلهم

فوگ السدوح اللدنه

ولست في معرض تفسير ألفاظه وكلماته؛ ولٰكنني أردت أن أوضح أن ليس لنا جد شاعر، كما قد يروج بين النشء اليوم، علىٰ أن للناس مبالغات وغلوًّا في هٰذه الشخصية رواها الحاج علي الحداد من الدبيبية/الدبابية، والسيد الجليل: علوي بن علوي القصاب «أبو السيد شبر» من مياس، وعمي: السيد طاهر بن السيد ناصر المسحر نفسه الذي حديثنا عنه - رحمهم الله جميعًا! - وأنه ليس بذٰلك الشاعر.

وأما «المسحر»، فلسنا المسحر أيضًا؛ فقد جاء جدنا السيد صالح الموسوي قبل أكثر من ثلاثة قرون، هاربًا من «بلاد الگديم» في مملكة البحرين، متخفيًا تحت لقب «المسحر»، وقد اختار هٰذا اللقب لسبب لا أطيل بشرح مناسبته، وسرد قصته اليوم.

إلىٰ من يرجع آل المسحر الذين منهم: الروَّاي، وبعض الگلاف، وبعض الوزَّان، وبعض الصايغ، ونحن: الشاعر؟!

هم آل الموسوي في بلاد الگديم، وهم أنفسهم من آل السيد إسحاق.

عرضت لبعض الأخطاء التي دونت في الوثائق الرسمية، ولا أريد التعليق عليها.

وإني أستحلف كبيرنا: الأستاذ سعيدًا بزرون «أبا أيمن» بالله: أأسمى أبوك الحاج أحمد - رحمه الله تعالىٰ! - أخاك: قاسمًا؟

إنه - رحمه الله تعالىٰ! - جاسم؛ عاش جاسمًا؛ ولٰكن موظف الأحوال المدنية ظن أن «جاسمًا» لهجة مبتذلة، وأن الصواب والفصيح «قاسم»؛ ذٰلك أنه متأثر بتسمية القاسم بن الحسن صلوات الله عليه! - في الشعر الشعبي: جاسمًا!!

وكذٰلك اسم جدك لأبيك: جاسم، وعاش ومات جاسمًا؛ فلم تتابعون بعض أنصاف المثقفين وتسمون جدكم: قاسمًا.

«جاسم» أي: ذو جسم، وهو من أوتي بسطة في الجسم، فهو حري بالقيادة العسكرية وغيرها، وهٰذا الاسم من مفاخر العرب، ويأتي موظف الأحوال المحدود الثقافة، ويتفاصح ويغيره ويحرفه.

ولن أتحدث الآن عن أصلكم القبلي الذي أصدر فيه من أصدر ما أصدر، دون الرجوع إليَّ؛ ولٰكني أقول: خل الگرعه ترعه!!