آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 12:36 ص

أخطاء شائعة

زكي بن علوي الشاعر

ندرس علم النحو في المدارس والجامعات والمعاهد العلمية وخارجها، وقد ندخل دراسة التصريف أو نخرجها.. وبعد تعريف هٰذا العلم، وبيان موضوعه وغيره من مقدمات ومبادئ، نعرف الكلام والكلم والكلمة، ونذكر أن كل هٰذه المصطلحات من قبيل الألفاظ، وننص علىٰ أن اللفظ: صوت مشتمل علىٰ بعض الحروف الهجائية، ثم يفوت أكثرنا أن مسائل هٰذا العلم وقواعده إنما تتناول الألفاظ - وهي أصوات - ولا تتناول الرسم والشكل والصورة الكتابية.

ومن هنا يخلط الدارسون الشادون المبتدئون بين الكلام وصورته الكتابية، ويخطئون في الإعراب وبيان الوظيفة النحوية.

ولأقرب الصورة بضرب بعض الأمثلة...

1 - إذا سألت: ما إعراب «زيدٍ» من قولك: مررت بزيدٍ؟ أجابك من لم يلتفت إلىٰ أن النحو يتناول الصوت ولا يتناول الكتابة، وقال:

الباء: حرف جر... و«زيدٍ»:... مجرور بحرف الجر، وعلامة جره: الكسرة الظاهرة تحت آخره!!

وقد يكون هٰذا المعرب معلمًا في مدرسة أو جامعة، ويخطِّئ من يقول: كسرة ظاهرة علىٰ آخره.. ويقول: انظر إلى الكسرة؛ إنها تحت الدال، وليست فوقها، فتقول: كسرة ظاهرة علىٰ آخره!!

وإنما الكسرة والضمة والفتحة أصوات تنتهي وتختفي بعد الفراغ من نطقها، نسمعها كما نسمع الحروف والكلمات، فنعيها وندرك كيف نطقت، ثم لا وجود لها، ولا وجود إلا لصورتها في الذهن، أو لصورتها رسمًا وكتابة.

وقول المعرب: ”علىٰ آخره“ ليس بمعنىٰ «فوق آخره»؛ إذ لا «فوق» ولا «تحت» في الصوت هنا.

«علىٰ آخره» بمعنىٰ عند آخره. والحركة إنما هي بعد الحرف، لا معه، ولا قبله، على التحقيق.. وما كان بعد الشيء كان عنده.. هٰذا معنىٰ قول المعربين: علىٰ آخره.

2 - يقول الشادون في إعراب «هدًى» من قوله تعالىٰ: ”... هدًى للمتقين“ إذا أعربوه منصوبًا: حال منصوبة، وعلامة نصبها: الفتحة الظاهرة علىٰ آخره، ظانين أن آخر «هدًى» الدال، وأن صورة هٰذه الياء غير المنقوطة «ى» في آخر «هدًى» إنما هي كرسي صورة التنوين، كما أن صورة الألف الطويلة كرسي صورة التنوين في مثل صورة «زيدًا» ورسمه!!

وفي قول الشادي هٰذا خلط بين صورة الفتحة الكتابية والفتحة التي هي صوت، من جهة... ومن جهة أخرىٰ، خلط بين صورة الألف الكتابية التي رسمت بصورة ياء غير منقوطة والألف التي هي صوت، وقد حذفت صوتًا، وأثبتت صورتها رسمًا وكتابةً؛ لئلا تلتبس كلمة «هدًى» بغيرها؛ إذ الغرض من إثبات صور الحروف أو حذفها تصوير اللفظ/الملفوظ رسمًا، بحيث يعيد إلى الوجود اللفظي أو الذهني.

وصواب إعراب «هدًى» منصوبًا:... وعلامة نصبه الفتحة المقدرة علىٰ آخره المحذوف؛ للتخلص من التقاء الساكنين «الألف والتنوين/صوت النون الساكنة الدال علىٰ أنه منصرف متمكن/معرب أمكن».

تصوير الكلام الكتابي شيء، والكلام شيء آخر، وإنما يتناول النحو وغيره من العلوم والصناعات والفنون القائمة علىٰ دراسة ما طبيعة وجوده صوت الأصوات، لا الصور والرسوم.

أيها المعلم المحترم!

علم تلامذتك أن النحو يدرس الصوت لا الكتابة. أما الاستعانة بالنحو في الكتابة، فبعد تقرير الحكم الذي طبيعة موضوعه ووجوده صوتية تنتهي بانتهاء ذٰلك الصوت.

سل التلميذ: أين الضمة التي في آخر قولنا: ”زيدٌ“، وعلمه أنها انتهت واختفت بانتهاء الكلام واللفظ والصوت، وانتقلت إلىٰ وجود آخر ذهني، وأن ما هو مرسوم على اللوح صورتها وشكلها ورسمها الكتابي... وكذا كل ما تكتبه وتخطه وترسمه وتصوره، فالمكتوب صورة الألف لا الألف، وصورة الباء لا الباء، وصورة الحركة لا الحركة، وصورة السكون لا السكون، وصورة كلمة «زيد» لا كلمة زيد... وهٰكذا؛ حتىٰ لا يخلط بين الصوت والصورة الكتابية؛ ولئلا يخطئ في بيان الإعراب والوظيفة النحوية.

3 - يقول الشادي: «من» من قولنا: ”... منَ المدرسة“: حرف جر مبني على السكون... حرك بالكسر؛ للتخلص من التقاء الساكنين.

فإذا سألته: أين ذانك الساكنان؟ قال: الساكن الأول نون «من»، والساكن الثاني الهمزة/همزة الوصل!!

ولا وجود حقيقيًّا لهمزة الوصل؛ وإنما يطلق عليها «همزة» تسامحًا وتجوزًا.. علىٰ أن المكتوب صورة لا لفظ وصوت، وقد قال المتكلم: ”... من المدرسة“ فنطق نونًا بعدها لام، وهٰذان هما الساكنان اللذان التقيا، فتخلص من أولهما - وهو سكون النون - بتحريكه؛ قال صوتًا: ”مِنَلْ مَدْرَسَهْ“.. فأين الهمزة؟ علىٰ أن لا همزة.