انقلاب الحب
غريب أمر الحب وتأثيره على الإنسان. يقلب كيانه. وكأنه يعمل على إعادة ضبط لإعداداته الداخلية من جديد. يعطي للمحب جرعة من الحماس منقطعة النظير. يعيد الحياة والحيوية للروح التي كانت فاترة قبل الحب. فالمحب الصادق في حبه يسعى لإرضاء حبيبه شكلاً ومضموناً، فيعمل على العطاء قبل الأخذ، بل تفكيره في الأخذ يصب في مصلحة بقاء ونمو الحب بينهما. وحيث أن الحب هو الحب سواء بين الأفراد أو بين الجماعات، لذا فإن المواقف في المحبة هي ذاتها مع تبادل المواقع من الحب الفردي إلى الحب الجماعي. فيحدث الانقلاب بين الجماعات عندما تنبعث المحبة فيما بينها.
ومن هنا أيضاً يكمن الفارق التكاملي بين الحب والزواج. فلكل فترة ومرحلة طبيعة حبها الذي يعززها ويجعلها نامية ومريحة للطرفين وسعيدة. ف ”كيمياء الحب تعتمد على“ الدوبامين ”الذي يعطي الشعور بالبهجة واللهفة والحماس، أما كيمياء الزواج فتعتمد على“ الأوكسيتوسين ”وهو المسؤول عن المودة والرحمة والعشرة والالتصاق، أما السعادة النادرة فهي أن يكون الزواج مزيجاً من“ الدوبامين ”و“ الأوكسيتوسين". [1]
فالانقلاب الذي يصنعه الحب عند المحبين يجعلهم سعداء رغم أثقال الحياة الطبيعية. بل يعتقد المؤمنون والمنظرون للحب بأن الحب ضرورة لحياة الفرد كالهواء والماء، كما هو ضرورة لحياة المجتمعات ذات الهويات المختلفة. لذلك، يرون بأنه: لا يمكن لأحد أن يكون سعيداً من دون حُب، أي من دون أن يعيش تجربة عاطفية مشتركة. ولا يعني ذلك أن كل شكل من أشكال الحب يمنح السعادة. [2] لذلك السؤال محل الإثارة هو: كيف حال المجتمعات ذات الهويات المختلفة أن تسعى للتعايش فيما بينها دون محبة جامعة بينها؟.
وللمزيد من الفائدة نجد في المقطع المرفق وجهة نظر فلسفية حول الحب بعنوان: ”ما هو الحب ولماذا نحبّ..؟“ مع بعض التحفظ: