تحديات العام 2023 «1»
إجمالاً، النجاح في اقتصاد ما بعد كورونا يعتمد على الإنتاجية. والانتاجية عدد الدولارات التي تولدها في المتوسط ساعة عمل واحدة في اقتصاد ما، ولتحقيق أعلى قيمة تتنافس الدول. هذا هو التحدي، ولا تزال فجوة الانتاجية“مريعة”بيننا وبين متوسط الانتاجية في دول مجموعة التعاون الاقتصادي والتنمية. والانتاجية ليست مفهوم بعيد عن المتناول، فهي مقياس لمخرجات الإنتاج مقابل مدخلاته. لكن للإنتاجية مكان الصدارة في منصة الاقتصاد العالمي، بها سيطرت الصين على القطاع الصناعي في العالم، وأصبحت تسمى“مصنع العالم”، بعد أن استطاعت أن تنتج السلع بتكلفةٍ ليس بوسع أي بلد آخر مجاراتها، ويبدو أنها عازمة على معاودة ممارسة هذا الدور بعد أن حزمت أمرها قبل أيام لإغلاق الفصل الأخير من معاناتها مع كوفيد-19.
ولابد من القول أن“الرؤية السعودية 2030”قَلَبَتّ العديد من المفاهيم التي كان يُظن أنها غير قابلة للتعديل أو التغيير لاعتبارات عدة. وبالتأكيد فإن التغيير من أجل التغيير ليس مبرراً. أما“التغيير”هنا فمرماه أن ثمةَ حياة بالتزامن مع النفط وحتى بعد انقضاء عصره بعد عقودٍ ممتدة، رغم الإقرار أن النفط وصناعة استخراجه والأنشطة الصناعية والخدمية المساندة لها، تُشكل أهم مرتكزات وفي مقدمة المكتسبات الرئيسية للاقتصاد الوطني، لا شك في ذلك.
ما يمر به الاقتصاد حالياً هو إعادة كتابة القواعد، بما سيؤدي في نهاية المطاف إعادة تشكيل الاقتصاد برمته، ليصبح اقتصاداً يعتمد على: توليفة من الأنشطة الإنتاجية التي تمده بالضخ الاستثماري، وتخلق لمواطنيه الوظائف القَيّمة بأجورٍ مجزية، وتستوعب الطلب المحلي، وتنافس خارجياً. قبل سبعة أعوام طرحت“الرؤية السعودية 2030”مجموعة أهداف بلغ تعداد الرئيسي منها 96 هدفاً، كل هدفٍ يمثل تحدي من الوزن الثقيل. إضافة لبرامج لمجابهة التحديات الكبيرة، مثل برنامج التحول الوطني لرفع كفاءة التشكيلات الحكومية وتوسيع دور القطاع الخاص في آنٍ، وبرنامج تحقيق الاستدامة المالية لإعادة هيكلة المالية العامة بحيث توظف الخزانة ما تملكه من موارد وفسحة مالية لتنويع مصادرها وتعظيم عوائدها.