هل عالمية سلاسل الإمداد من بقايا الماضي؟ «1»
العالمية هنا تعني هيمنة بلد أو أثنين على سلاسل الإمداد في العالم بما يؤثر على استقرارها ومرونتها «resilience». السؤال: هل ينبغي أن تبقى سلاسل الإمداد عالميةً متمركزةً في نقاط قليلة؟ أم تكون موزعةً اقليمياً ومترابطةً فيما بينها لتصبح عالمية ولكن بنسق مختلف يقوم على اقتسام الأدوار وتبادل المنافع وتوفير مسارات بديلة؟ بما: يحد من الاختناقات، ويسيطر على التكلفة، ويخفف من المخاطر الجيوسياسية؟ ثمة فرق جوهري بين المنهجين؛ فمن الدروس المستفادة من مآسي جائحة كورونا أن“مركزية”سلاسل الإمداد أنهكت اقتصاد العالم، وعزز ذلك ما سبق الجائحة من حرب تجارية طاحنة بين الولايات المتحدة والصين أوجدت توتراً تجارياً من جهة وأضافت ضعفاً لضعفِ منظمة التجارة العالمية مما جعل النظام العالمي التجاري متعدد الأطراف في مهب الريح.
أما إبان وبعد كورونا فظهرت قوة الصين، وأنها عندما“تعطس”يصيب العالم“زكاماً”! وعلى أهمية اقتصاد الصين باعتبارها أثبتت عملياً أنها“مصنع”العالم، فهل ينبغي أن يستمر الوضع كذلك؟
بالنسبة للمملكة، فإن تنمية الصادرات أمر بالغ الأهمية. ولوضع هذه النقطة في السياق فعند المقارنة مع بلدان أعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية «OECD مثل إيطاليا ونيوزلندا، فنجد أن الصادرات تمثل للسعودية نسبةً مهمةً من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة «59% في العام 2021»، وبالمقارنة تعادل حوالي 42 بالمائة من صادرات إيطاليا «688 مليار دولار، فإيطاليا هي إحدى الاقتصادات الكبرى السبع»، وتعادل حوالي 4,5 أضعاف صادرات نيوزيلندا. كما أن صادرات المملكة بلغت 276,3مليار دولار في العام 2021، منها 74 مليار صادرات غير النفطية.
وبذلك يتضح أن تنمية الصادرات هو - ابتدأً - أمرٌ حرج الأهمية للمملكة، لاسيما بعد إطلاق“رؤية 2030”في العام 2016، بهدف تنويع اقتصادها والابتعاد عن الاعتماد على النفط كمصدر وحيد. وتقوم الرؤية على طموحات عدة تجابهها تحديات لابد من تجاوزها، بأن توظف السعودية ما تملكه من مقومات عدة، فهي عضو في مجموعة العشرين لأكبر اقتصادات العالم من حيث ناتج محلي إجمالي، حيث يبلغ الناتج المحلي الإجمالي ما يقارب تريليون دولار أمريكي، ورغم أنه اقتصاد كبير ولكن ليس بما يكفي للمستقبل، وهذا ما تسعى رؤية السعودية 2030 إلى تحقيقه ليصل الناتج المحلي الإجمالي لما يزيد عن 6 ترليون ريال سعودي.
كانت سلاسل الإمداد العالمية تمثل دائماً تحدياً أمام نمو التجارة العالمية، وهي تمثل تحدياً مضاعف بالنسبة لاقتصاد متطلع للنمو بوتائر متصاعدة كالاقتصاد السعودي، فقد شملت مستهدفات الرؤية - التي أعلنت في العام 2016 - الخدمات اللوجستية، كما سيأتي الحديث.