المشي وتخفيف الوزن.. العلاقة الموهومة
العلاقة الموهومة بين فاعلية المشي - المبالغ فيها - في إنقاص الوزن، يجب أن تصحح، وأن يعلم من يريد أن ينقص وزنه أن الطريق السليم هو البدء بنظام غذائي منخفض النشويات ولا يتضمن الزيوت المهدرجة أو الأغذية المصنعة..
منذ نحو ثلاث سنوات، وحتى اليوم، عندما كنت أخرج صباحاً في دبي، للمشي في الحديقة، هنالك رجل إنجليزي وآخر هندي، يمارسان المشي الرياضي بانتظام، وربما بوتيرة أكثر التزاماً مني، إلا أنهما وحتى الساعة، يمتلكان ذات الجسد بما فيه من دهون زائدة، وبطنٍ منتفخة لا تخطئها العين!
هنالك سمعة جيدة جداً لـ ”المشي“، عزز منها سهولته عندما يكون الجو معتدلاً، أو ممارسته في النادي الرياضي عبر الأجهزة المتنوعة؛ وخصوصاً بعد انتشار ثقافة تقول إن المشي لنحو 10 آلاف خطوة يومياً، ستحسن من الصحة العامة وتساعد على إنقاص الوزن.
العشرة آلاف خطوة، ليست رقماً مثبتاً علميا بدراسات صحية موثوقة، إلا أنه بشكل عام، ممارسة المشي السريع بشكل يومي، أو 5 أيام أسبوعياً، إذا اقترن مع ”الصيام المتقطع“ ونظام غذائي صحي، وكان في البيئات المفتوحة، تحت أشعة الشمس والهواء النقي، ستكون له آثار إيجابية عدة، وتحديداً في تحسين المزاج، والتخفيف من هرمون التوتر، وزيادة قوة عضلات الرجلين، وأيضاً تحسين الدورة الدموية، وبالتالي تنظيم مستويات ضغط الدم المرتفعة ولو جزئياً، دون أن ننسى أنه سيساهم في التخفيف قليلاً من الدهون المتراكمة في الجسم، شريطة أن يكون ممارس المشي ملتزماً بالابتعاد عن الكربوهيدرات المكررة والزيوت المهدرجة والوجبات السريعة المليئة بالنشويات!
إذن، المشي لوحده ليس حلاً سحرياً لإنقاص الوزن، وإلا لكان الرفيقان البريطاني والهندي بما يبذلانه من جهد يومي في المشي وسط الحديقة، قد فقدا الكثير من الكيلوغرامات وأصبح جسداهما ممشوقين وأقل سمنة.
المشي يجب أن يكون جزءا من برنامج مكتمل، ولا يكتفى به لوحده، وإلا سيقع الإنسان في الإحباط، ويزداد وزنه بشكل ملحوظ، لأنه سيشعر أنه بذل جهداً كبيراً دون أن يصل لمبتغاه، وهنا سترتفع عنده مستويات هرموني التوتر والإنسولين، الأمر الذي سيؤثر عليه في النوم واضطراب المزاج وسيؤخر فقدان الوزن، وربما يصاب ب ”مقاومة الإنسولين“، ويتطور الأمر سلبياً نحو إصابته بمرضي السكري وارتفاع ضغط الدم.
هنالك ثقافة صحية منقوصة، وهذه الثقافة تجعل الإنسان العادي مشوش الذهن، غير قادر على معرفة الوجهة الصحيحة لنظام حياة يجعل أقل مرضاً وأكثر قوة.
أحد أسباب هذه الضبابية هي الآراء المتضاربة حد التناقض لدى خبراء التغذية، ومحدودية المعرفة لدى بعضهم، بحيث يكتفون بما درسوه في المعاهد أو الجامعات، ولا يطورون مداركهم وتجاربهم عبر القراءة والبحث والانفتاح على الاتجاهات المتنوعة في التغذية والتشافي، وعدم الاقتصار على رأي واحد أو منهجية تقليدية جرت عليها العادة.
هنالك سبب آخر، وهو أن المشي، الفعلُ الأقل مؤونة، والأسهل ممارسة، كونه لا يتطلب امتناع الإنسان عن أطعمته المفضلة التي تزيد سمنته، كما أنه أيسر بكثير من ”الصيام المتقطع“ الذي يعتقد أناسٌ أنهم لا طاقة لهم به. كما أن المشي لن يدعوك إلى التوقف عن الأكل بين الوجبات، ولذا ستبقى تمارس عاداتك الغذائية الخاطئة ذاتها! ولذا، ولكي لا يشعر الإنسان بالذنب، يلجأ كثرٌ إلى المشي، ولسانُ حالهم: ها نحن نقوم بواجباتنا تجاه العناية بصحتنا!
هذه العلاقة الموهومة بين فاعلية المشي - المبالغ فيها - في إنقاص الوزن، يجب أن تصحح، وأن يعلم من يريد أن ينقص وزنه أن الطريق السليم هو البدء بنظام غذائي منخفض النشويات ولا يتضمن الزيوت المهدرجة أو الأغذية المصنعة. فيما المشي السريع، هو عامل مساعد، يساهم في زيادة مستويات ”الأيض“ وانتظام الهرمونات والدورة الدموية، وبالتالي تسريع جزئي لفقدان الوزن، لا أقل ولا أكثر.