هل خَلَقَ الاقتصاد السعودي وظائفاً؟ «2»
إذن، في العام 2022 نما الاقتصاد السعودي 7,6 بالمائة، وخلال الأربعة أرباع «الربع الثالث 2021 حتى الربع الثالث 2022» خَلَقَ نحو 1,3 مليون وظيفة، منها نحو 300 ألف وظيفة شغلها مواطنون. لكن النمو الاقتصادي لا تغذيه الوظائف عدداً فقط بل نوعاً كذلك ولعل النوع هو الأهم للارتقاء بالإنتاجية والتي هي الضامن الأول لتنافسية الاقتصاد بما يمكنهُ من غزو الأسواق الخارجية وصيانة السوق المحلي، فمع نمو الاقتصاد يحتاج إلى مهارات جديدة وخبرات متنوعة لم يكن بحاجة لها من قبل أو كان بحاجة لكن تلك الحاجة تعاظمت مع احتياجات النمو.
وهذا نجد أننا وجهاً لوجه مع تساؤل: ما مصادر نمو الوظائف؟ النمو الكبير في الوظائف خلال الفترة المشار إليها كان من نصيب“مهن الخدمات”، حيث زاد عددها 21% خلال الفترة، وهي تمثل نحو 45 بالمائة من الوظائف المشغولة للقطاع الخاص، والأمر الملفت أن الوظائف الهندسية الأساسية المساعدة تراجعت نحو 12,5 بالمائة، لكنها ما برحت تمثل 18,2 بالمائة من إجمالي العاملين في القطاع الخاص، فيما تمثل وظائف الاختصاصيين في المواضيع العلمية والفنية والإنسانية، والفنيون في المواضيع العلمية والفنية والإنسانية 5,4 بالمائة، ونصيب المهن الكتابية 4 بالمائة، الملفت أن من يعمل في مهن العمليات الصناعية والبتروكيماويات في القطاع الخاص يمثل 1,6 بالمائة، على الرغم من المساهمة الكبيرة نسبياً لأصحاب هذه المهن في الناتج المحلي الإجمالي من خلال أنشطة الصناعة التحويلية النفطية وغير النفطية، حيث يقدر عددهم بحوالي 150 ألفاً.
وبالتأكيد فإن البيانات أعلاه هي تأشيرية فيما يتصل باحتساب خلق الوظائف والسبب أن ثمة وظائف تكون عادة“خارج الحسبة”عند احتساب صافي ما وَلّدهُ الاقتصاد من وظائف، إذ يستبعد العاملين لحساب أنفسهم، أي في بتعريف نظام التأمينات لدينا المشتركون اشتراكاً اختياريا باعتبارهم أصحاب أعمال. ومن ناحية ثانية فمناسبٌ تبويب الوظائف بما يتفق مع التصنيف السعودي للمهن، الصادر بقرار مجلس الوزراء رقم 660 وتاريخ 21/10/1441 هـ ، ويعتمد التصنيف على التصنيف الدولي للمهن الصادر عن الأمم المتحدة. والتصنيف هرمي ويتكون من تسع مجموعات، بما يمكن من التعرف بسهولة أكبر على مستويات المهارة وتنامي الطلب عليها عاماً بعد عام، كما أنه بالإمكان التعرف على التوزيع الدقيق للمهن على الأنشطة والقطاعات الاقتصادية وكذلك الانتشار المكاني لأصحاب تلك المهن.