شبابنا في عصر التحولات
بعدما انفتح العالم على بعضه، وتداخلت الثقافات على اختلاف أنواعها، أصبح الوصول لتلك الثقافات سهلًا على أي فرد في أي مجتمع، وليس هناك مانع له في خوض أمواجها للغوص والإبحار، في سبيل الحصول على جواهر تُغري فضوله، وتساعد في استمرار تقبّلها، لثقته بذاته.
مجتمعنا ليس بمنأى عن هذه الغمار، فهو جزء من العالم، أفراده تتفاعل مع أي جديد، له متطلبات مثل أي فرد في العالم، يعاين ما يحصل خصوصًا فئة الشباب، يسعون لدخول تلك الثقافات ما دامت متاحة لهم، ويقارنونها بثقافتهم الحالية، فتتولد لديهم أسئلة مختلفة، بعضها منطقي ومفيد أن يكون في مجتمعهم، والبعض الآخر لا يناسب مجتمعهم، هنا يصطدمون بواقعهم عندما يطرحون تلك الأسئلة، يتهمون بالمروق خصوصًا الأسئلة التي ترتبط بالأمور الدينية.
إذا ساد التكبيل على الفكر، وإرهاب السائل، ووضع الحدود التي لا يمكن تجاوزها؛ لأن ذلك يبعث على ضعف في عقيدة ما.
سوف يبقى المجتمع متخلفًا، بتراكم الأجوبة التي لا يختلف ماضيها عن حاضرها، وسيرثها جيل بعده بما تحمل من معانٍ مختلفة لا تواكب عصره الحالي.
على العكس من ذلك إذا أعطي الفرد الحرية في السؤال، تتفتح عنده أبواب الفكر، وينشئ وعيًا جديدًا بثقافة متحضرة نابعة من عقلية معاصرة لزمنها الحاضر.
الشاب في هذا الزمان مختلف عن شباب السابق، حيث إن الشباب في أزمنة سابقة، التي تؤمن بالتبعية المطلقة لا يخرج عن نطاق الجماعة التي تحيط بيئته المكانية، لكن الشاب في هذا الوقت الذي اكتسب ثقافات مخالفة لما هو مألوف، على خلاف السابق يمارس في زمننا الحاضر حالة الفردانية التي تدعو لممارسة أهدافه ورغباته معتمدًا على نفسه، أو بمعنى أصح مستقلًّا عن غيره.
التحولات التي تحصل في جميع المجتمعات واقع لابد من تقبُّله والتماهي معه قد يكون الانزعاج من بعض التصرفات أو الأفكار الجديدة، علينا مراجعتها وتطويع بعض المفاهيم التي تناسبها، والاستغناء عن البعض الآخر الذي يصطدم معها، لكي تستمر حياة الشاب ضمن الحرية المتاحة له، فلا سبيل لنا غير التفاهم الفكري مع فئة الشباب، فزمانهم غير زماننا السابق.
الانفتاح الحاصل قد غزا جميع المجتمعات، وتمازجت الثقافات بينهم، فليس هناك سد يحجز ذلك التمازج البيني، إلا المرونة والاستقطاب والتفاهم، فهكذا هي الحياة دائمًا في تغيُّر وتبدّل من حيث الأفكار، شئنا أم أبينا ذلك.