الآباء والأمهات مع التحية
ظاهرة اعتماد الكثير من الأولاد على الوالدين في معظم أمور الحياة أصبحت من الظواهر التي يعاني منها الكثير من الآباء والأمهات، فهم لا يكلفوا أنفسهم حتى في طي البطانية التي يتغطون بها عند نومهم، حيث أن الكثير من الأولاد يستيقظون من نومهم ويتركوا فراشهم بلا ترتيب بنتظار مرور الوالدة أو العاملة المنزلية لتتولى ذلك الأمر، فأين الخلل؟.
معظم الأمهات يستيقظن صباح كل يوم وبعد الصلاة على محمد وآله يقمن بتجهيز طعام الإفطار النظيف ليقدم للأولاد جاهزاً للأكل، وعندما تناديهم الأم لتناول فطورهم تجدهم يستفسرون عن نوعه وشكله وربما رائحته لأنهم لا يرغبون فيه، ويفضلون الذهاب إلى البوفيهات أو المطاعم التي تعمل فيها العمالة الأجنبية للأكل منها مع عدم علمهم بمصادر اللحوم التي تستخدم فيها.
الكثير من الآباء والأمهات لم يعودوا أبناءهم على غسل الصحون عندما يتناولون الأكل في البيت، ومن هنا فهم لا يكلفوا أنفسهم بغسلها وتركها في مكانها لتتولى الأم فعل ذلك! ويستبدلون ملابسهم ثم يتركونها متناثرة مكانها، من دون أن يقوموا بوضعها في سلة الغسيل بنتظار العاملة المنزلية أو الأم الحنون لتتولى جمعها ووضعها في المكان المخصص لها لغسلها وكويها وإعادتها للخزانة نظيفة لتكون جاهزة للاستخدام متى أرادوها!
في زمن الإنترنت اليوم على الوالدين أن يعرفوا بأن هناك انحرافًا خطيرًا في التربية التي ينشأ عليها الأولاد من الجنسين، بسبب ضعف الثقافة الإسلامية والوازع الديني عند الكثير من شباب وشابات هذا الجيل في مواجهة ما تروجه الهالة الإعلامية الغربية لهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعبر الأفلام والألعاب الإلكترونية المدمرة التي هدفها هو تدمير كل ما لدينا من ثقافة إسلامية أصيلة، وطرح بديلًا لها وهي الثقافة الغربية التي للأسف هرول وراءها الكثير من الناس.
الآباء والأمهات عليهم أن يعودوا أبناءهم وبناتهم على تحمل بعض المسؤوليات في البيت، ليعرفوا معنى الحياة والعمل والاعتماد على النفس وليس على الخدم، وهذا يساعد في بناء شخصيات مجتمعية وبناء جيل مسؤولًا اجتماعيًا، وإن تسليمهم بعض المهام في البيت وتحمل مسؤوليتها يجعلهم أقوى تحملًا ويعينهم على مواجهة ما سيأتيهم مستقبلاً.
يبدوا أن الحداثة التي لبسناها قد غيرت الكثير من عاداتنا المجتمعية الجميلة! فصار الإفطار في البيت مع الوالدين ذكرى من الماضي، وأصبحت قهوة الصباح تطلب من أكشاك القهوة ”ستاربكس وأخواته“ بعد أن كنّا نشربها من يد أمهاتنا، والمطاعم والكافيهات المفتوحة التي تتمايل فيها الأجسام النحيلة أصبحت قبلة الكثير من الناس للأكل فيها، فهل آن الأوان لتعليم أولادنا ثقافة الادخار وتغيير سلوك الترف والترفيه في المطاعم والكافيهات؟.
خلاصة الكلام هي: أن هناك أخطاء تربويّة تجاه الأبناء عند بعض الآباء والأمهات تقوم على الإسراف والتبذير وتلبية طلباتهم دون مسائلة أو ممانعة، وأنه آن الأوان لتعليم أولادنا ثقافة الادخار وتغيير سلوك الترف والترفيه في المطاعم والكافيهات مهما كان الفائض من مصروفهم، فكل ريال فائض يفضل أن ندخره اليوم ولا أحد يعرف ما تحمله لنا الأيام القادمة.