البركة أصلها ذلك الفنزويلي
الحديث عن شيءٍ ما يقع في دوامة السؤال المتكرّر: ماذا تكتب؟ ولمن؟
سؤال منطقي: هل هناك من يقرؤك ليفهمك؟، أم مجرّد القراءة في اللاقراءة في شارع آخر؟ هناك استفاضة لا تتوقف داخل العقل، حيادية في جعبتها، لكنّها تتغيّر كألوان الزهور، أثناء الكتابة، تنجرف بين الذاتي والموضوعي، الظروف متبدلة أو متنوعة في إشكالاتها المطروحة أمام المقدّس والهوية والعرف.
المعرفة تزيد ولا تنقص، بلاؤها أنّها لا تسيطر على أحد، هي من تسيطر عليك، مكان آخر في فينزويلا يقع فارس في طورًا معين، ينقل إلينا مآلته وحداثته التي وقعت في فكره المترامي بين الحجر والحجر، تصل إلينا في ظرفها وثوانيها، تقرأ ثم تجلس على الكرسي أمام قضاة، يناقشون أحكامهم أمام المداولة ببراءتها أو إدانتها، تلك الكلمات أمام الفضاء الرقمي المتسع توغل إلى مكان آخر يؤطرها ثم تفتح نافذتها إلى فضاء آخر، يقع عليها النقاش حتى تستأذن نفسها مع فليسوف آخر، يُشرح فضاءها حينها تصمت برهة من الوقت ثم تهرب سريعًا إلى فضاء آخر، تنتظرها مجموعة من العقول حاملين آراءهم المختلفة بين الشك واليقين، يمضي الوقت يومًا بعد يوم، تنضج الكلمة حاملة عناقيد ثمارها في القطف والهضم.
تلك هي الحداثة التي يسعى لها البشر، يتغيّر الموجود والمفهوم، في زرع نباته جديد، يأتي الليل معانقًا الفجر في لحظات الضوء، تشرق العقول في مضامين رائدة عليها قطاف من نوع آخر، أصلها ثابت وفرعها في السماء، إنه العقل يتوقف في آخر النقطة في استراحة قصيرة يهضم ما ابتلعه ثم يستمرّ بين الطبيعة والكون، يحاكي خياله ثم يرسم ذلك الخيال، للوصول إلى النقطة التي توقفت في الزمكان، آخرها نور فائض يبهرك وإن لم تكن تعلم أنه أنت أيّها الجرم الصغير. البركة أصلها ذلك الفنزويلي.